للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلهم من أتباع زيد في العقيدة والإمامة، وفروعهم توافق الحنفية أكثر من غيرهم من الفقهاء. وبلداتهم اللاتي يظهرون فيها، ويكون لهم الشوكة على أهلها بالعجم جيلان وديلمان وبعض جرجان وأصفهان (أصبهان) والري والعراق الأعلى: الكوفة والأنبار (١) وبالحجاز مكة وجميع بلدان الحجاز، إلا المدينة، فإن الشوكة فيها للاثنى عشرية (٢) وهم في نجد اليمن ظاهرون على منه كصنعاء وصعدة وذمار ونحوها، ولهم في سهولها بلدان أيضاً، كمدينة حلي وما بينها وبين اليمن من بلد المخلاف. ومنهم بالمغرب جماعة كثيرة في جبال يقال لها: أوراس، ولهم أخلاط في أمصار السنية يتسترون بمذهب أبي حنيفة، لأن أبا حنيفة كان من رجال زيد بن علي ومن أتباعه. وهم أتقى الشيعة لولا ما نُقم عليهم" (٣).

المصدر: الزيدية نشأتها ومعتقداتها للقاضي إسماعيل بن علي الأكوع - ص٧٣


(١) قد تحول سكان هذه المناطق أو معظمهم إلى مذهب الاثنى عشرية (الإمامية).
(٢) كان هذا في عصر الدامغاني مؤلف (الجوهرة الخالصة)، المعروفة برسالة الدامغاني، أما اليوم، فسكان هذه المناطق من أهل السنة ولله الحمد. وكان هذا التحول قد حدث في عهد الملك العادل نور الدين محمود زنكي رحمه الله الذي أظهر بحلب – كما ذكر المقريزي في ((الذهب المسبوك)) (ص ٦٨) - مذهب أهل السنة، وكان أهلها من الرافضة، وأبطل الأذان بحي على خير العمل، وأنشأ بها المارس على مذاهب الأئمة الأربعة، ثم في عهد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، الذي كان له الفضل في طرد الغزاة الصليبيين الإفرنجة من بلاد الشام، كما تم على يديه القضاء على الدولة الفاطمية التي حكمت شمال إفريقية ومصر وبلاد الشام، وامتد نفوذها إلى الحجاز، ثم إلى اليمن بوساطة الدولة الصليحية.
(٣) هكذا كانت الزيدية في عصر الدامغاني. أما اليوم، فإن أكثر العلويين المنتسبين مذهباً إلى زيد بن علي، ونسباً إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ومن اعتزى إليهم من أهل اليمن –وما أكثرهم- قد تحول بعد قيام الثورة الإيرانية سنة ١٩٧٩م إلى شيعة اثني عشرية تحت غطاء مذهب الإمام زيد بن علي. ولو كان الأمر يتعلق بهؤلاء شخصياً، لهان الخطب، ولكنهم يسعون بنشاط دائم إلى التبشير بهذا المذهب بالدعاية له وتوزيع كتبه مجاناً، غير ما يباع منها في مكتبات خاصة بأثمان زهيدة، وذلك للانتقام من النظام الجمهوري الذي نشر التعليم على نطاق واسع في ربوع اليمن، مراعياً في ذلك توحيد مناهج التربية بعيداً عن المذهبية الضيقة، ليكون مقبولاً لدى أتباع المذهبين الشافعي والزيدي على حد سواء. والذي سهل لأهل السنة في المناطق السائد فيها المذهب الهادوي الزيدي ممارسة شعائر العبادة في المساجد عنا بحرية تامة من دون خوف ولا وجل، فأقبل كثير من الناس على قراءة كتب السنة طواعية؛ لتأكدهم أنهم هم السبيل الوحيد لإزالة الفوارق المذهبية وتوحيدهم على قلب رجل واحد، فتمحى من ذاكرتهم الأحكام التي كانت تصدر من بعض الحكام بالتكفير والتفسيق لمخالفته مذهبياً، مع أنه يوجد في العلويين من كان قد ترك التقليد وعمل بأحكام الكتاب وصحيح السنة عن فهم وإيمان واعتقاد، لكنهم تحولوا عن ذلك لدوافع سياسية: يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ومنهج الحق له واضح مع أنهم يعلمون أن الإمام الهادي يحيى بن الحسين قد هاجم المذهب الجعفري في كتبه، وذكر أن أتباعه على غير حق في ما ذهبوا إليه من عصمة الأئمة الاثنى عشرية، والقول بالتقية، والبداء، وتكفير من سواهم من أصحاب المذاهب الأخرى ((رسائل العدل والتوحيد)) (ص ٧٥). وكان الأحرى بأتباع مذهب الإمام الهادي – إذا كانوا حريصين على نفي ما رسخ في أذهان أتباع المذاهب الأربعة من أن المذهب الزيدي لا يختلف عن المذهب الجعفري، وأنهما يصدران من مشكاة واحدة. أن يلتزموا بما كان عليه الإمام زيد بن علي رضي الله عنه الذي ينتسبون إلى مذهبه اسماً، فيرفضون من رفضهم، ويترضون على من ترضى عنهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعملون بما جاء في مجموع زيد بن علي من رفع اليدين وضمهما في الصلاة والتأمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>