وقال:"وكتاب (بصائر الدرجات) من الأصول المعتبرة التي روى عنها الكليني وغيره". (المرجع السابق)(١/ ٢٧) وهكذا قال في عدد كبير من كتبهم. والحر العاملي في الوسائل انظر:(وسائل الشيعة): (ج٢٠, الخاتمة) وكما نجد ذلك في مقدمات تلك الكتب. ويبدو أن تخصيص ما سلف بالذكر، إما لأنها مجاميع كبيرة، أو قد يكون لمجرد محاكاة أهل السنة وللدعاية المذهبية، ومما يوضح ذلك أنهم اعتبروا مثلاً من المجاميع الثمانية المتقدمة كتاب (الوافي) وعدوه أصلاً مستقلاً، مع أنه عبارة عن جمع لأحاديث الكتب الأربعة المتقدمة (الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه) فكيف يعد أصلاً خامساً، ومستقلاً، وهو تكرار لأحاديث الكتب الأربعة؟!
وكذلك اعتبروا (الاستبصار) للطوسي مصدراً مستقلاً من المصادر الأربعة المتقدمة، وهو لا يعدو أن يكون اختصاراً لكتاب (تهذيب الأحكام) للطوسي، كما صرح بذلك الطوسي في مقدمة (الاستبصار): (١/ ٢ - ٣) وكما يبدو واضحاً لمن شاء المقارنة بين الكتابين، فالدعاية المذهبية واضحة في صنيعهم هذا ...
وتجد أن (بحار الأنوار) وضعه مؤلفه في خمس وعشرين مجلداً، ولما كبر المجلد الخامس والعشرين جعل شطراً منه في مجلد آخر فصار المجموع (٢٦) مجلداً، انظر:(الذريعة): (٣/ ٢٧) فقام المعاصرون وزادوا فيه كتباً ليست من وضع المؤلف كـ (جنة المأوى) للنوري الطبرسي، و (هداية الأخبار) للمسترحمي، ومجلدات في الإجازات ليبلغوا به في طبعة جديدة مائة وعشرة مجلدات تبدأ من الصفر, حيث إن المجلد الأول يحمل رقم صفر!. كلون من المظاهر الثقافية الشكلية، والدعاية المذهبية.
وهم مغرمون بهذا الاتجاه الدعائي, وتجد أن مجموعة كبيرة منهم تكلف بالكتابة في موضع "ما"، ويصرف لها المرتبات من الحوزات العلمية، فإذا انتهى العمل نسب لواحد منهم أو لأحد شيوخهم كأنه هو الذي قام بهذا العمل الذي لا يقوم به إلا جمع من الناس، كما يلاحظ ذلك في كتاب (الغدير) وغيره، ولهم هوس في ادعاء السبق، حيث تجد في كتاب (الشيعة وفنون الإسلام) بأن للشيعة السبق في كل علم، مع أن الروافض لم يعرف عنهم شيء من هذا إلا ما أخذوه عن أهل السنة، ولهم مفردات تفضح أمرهم، وترى في أعيان الشيعة للعاملي احتسابه لكثير من أئمة أهل السنة من طائفته لمجرد ما يذكر في تراجمهم من وجود ميل للتشيع عندهم، وهو أمر لا يدخلهم في مسلك الروافض، إذ محبة أهل البيت الحقيقية هي في أهل السنة أكثر من الرافضة.
أما موضوع هذه المدونات فإن (التهذيب) و (الاستبصار) و (من لا يحضره الفقيه) و (وسائل الشيعة) و (مستدرك الوسائل) كلها في الفقه، وكذلك (الكافي) فإن المجلدين الأول والثاني في الأصول وسائر المجلدات الباقية في الفقه وهو مما يسمى (فروع الكافي).
ويلاحظ التشابه في كثير من مسائلهم الفقهية مع أهل السنة؛ مما يؤكد ما يقول بعض أهل العلم من أخذهم لذلك من أهل السنة انظر:(منهاج السنة النبوية): (٣/ ٢٤٦) ولهم مفردات غريبة، ومسائل منكرة لا تخطر على البال تستحق أن يكتب فيها تأليف خاص، وقد جمع جزءاً منها شيخهم المرتضى في كتاب سماه (الانتصار) وقد وقفت عليه في طبعته الأخيرة (١٤٠٥هـ، دار الأضواء، بيروت) وقد طبع قبل ذلك ضمن الجوامع الفقهية بطهران سنة (١٢٦٧هـ) ومستقلاً سنة (١٣١٥هـ) ويسمى: (مسائل الانفرادات في الفقه)(لؤلؤة البحرين)(ص ٣٢٠).