أما شيخهم المعاصر النوري الطبرسي فهو أيضاً قد عثر على كتب لم تدون من قبل رغم أنه من المعاصرين، يقول أغا بزرك الطهراني:"والدافع لتأليفه عثور المؤلف على بعض الكتب المهمة التي لم تسجل في جوامع الشيعة من قبل (الذريعة): (٢١/ ٧) وجعلوا هذه الأحاديث المكتشفة والتي جمعها مستدرك الوسائل مما لا يستغنى عنه، قال آيتهم الخراساني - كما ينقل صاحب (الذريعة) - بأن الحجة للمجتهد في عصرنا هذا لا تتم قبل الرجوع إلى المستدرك، والاطلاع على ما فيه من الأحاديث"(الذريعة)(٢/ ١١١) فهل يعني هذا أنه قبل تأليف (المستدرك) لا حجة عندهم في قول شيخهم؟! فانظر وتعجب ... وقد تستمر مسيرة الاكتشاف للكتب والروايات، ولم يجمع تلك الروايات متقدموهم، ولم لم تذكر تلك الكتب وتسجل في كتبهم القديمة؟! كيف لم يسجلها الكليني وهو بحضرة السفراء الأربعة سفراء المهدي؟! وقد سماه الكافي لأنه كاف للشيعة، وقد عرضه على مهديهم - بواسطة السفراء - فقال: كاف لشيعتنا – كما سلف، انظر:(مقدمة الرسالة) - بل إن الطوسي قال بأنه جمع في كتابه (تهذيب الأحكام) جميع ما يتعلق بالفقه من أحاديث أصحابهم وكتبهم وأصولهم، لم يتخلف عن ذلك إلا نادر قليل وشاذ يسير (الاستبصار): (١/ ٢).
فهل هذه الكتب وضعت فيما بعد في أيام الدولة الصفوية، ونسبت لشيوخهم الأوائل؟ هذا ليس ببعيد.
بل إن كتبهم الأربعة الأولى لم تخل من دس وزيادة، وآية ذلك أن كتاب (تهذيب الأحكام) للطوسي بلغت أحاديثه (١٣٩٥٠) حديثاً كما ذكر ذكر أغا بزرك الطهراني في الذريعة (الذريعة): (٤/ ٥٠٤) ومحسن العاملي في (أعيان الشيعة)(أعيان الشيعة): (١/ ٢٨٨) وغيرهما من شيوخهم المعاصرين، في حين أن الشيخ الطوسي نفسه صرح في كتابه (عدة الأصول) بأن أحاديث (التهذيب) وأخباره تزيد على (٥٠٠٠) ومعنى ذلك أنها لا تصل إلا إلى (٦٠٠٠) في أقصى الأحوال، انظر:(الإمام الصادق): (ص٤٨٥).
فهل زيد عليها أكثر من الضعف في العصور المختلفة؟! الدليل المادي الملموس أمامنا يؤكد ذلك.
وأيضا تراهم اختلفوا هل كتاب (الروضة) - وهو أحد كتب (الكافي) التي تضم مجموعة من الأبواب، وكل باب يتضمن عدداً كبيراً من الأحاديث - هل هو من تأليف الكليني أم مزيد فيما بعد على كتابه (الكافي)؟ (روضات الجنات): (٦/ ١٨٨ - ١٧٦) فكأن أمر الزيادة شيء طبيعي ووارد في كل حال.
بل الأمر أخطر من ذلك فإن شيخهم الثقة عندهم حسين بن حيدر الكركي العاملي (المتوفي سنة ١٠٧٦هـ) قال: إن كتاب (الكافي) خمسون كتاباً بالأسانيد التي فيه لكل حديث متصل بالأئمة (المصدر السابق: ٦/ ١١٤) بينما نرى شيخهم الطوسي (المتوفي سنة ٣٦٠هـ) يقول: كتاب (الكافي) مشتمل على ثلاثين كتاباً، أخبرنا بجميع رواياته الشيخ ... " (الفهرست): (ص١٦١).
فهل زيد على الكافي للكليني فيما بين القرن الخامس، والحادي عشر عشرون كتاباً؟ مع أن كل كتاب يضم عشرات الأبواب، وكل باب يشمل مجموعة من الأحاديث!! لعل هذا أمر طبيعي، فمن كذب على رسول الله والصحابة والقرابة فمن باب أولى أن يكذب على شيوخه ... ، وشواهد هذا الباب كثيرة .... نكتفي بهذا لمن كان له عقل .... ونتعرض في الدراسة التالية لمدى صحة الروايات في تلك الكتب.
المصدر:مختصر من أصول مذهب الشيعة - د/ ناصر بن عبد الله القفاري