وصرح علماؤهم بأن العمل بكل ما في هذه الأربعة واجب، وكذلك صرحوا بأن العمل برواية الإمامي الذي يكون دونه أصحاب الأخبار أيضاً واجب بهذا الشرط كما نص على ذلك أبو جعفر الطوسي والمرتضى وفخر الدين الملقب بالمحقق الحلي، مع أنه يوجد في تلك الكتب الأربعة من رواية المجسمة كالهشامين وصاحب الطاق، ورواية من اعتقد أن الله تعالى لم يكن عالماً في الأزل كزرارة وأمثاله كالأحولين، وسليمان الجعفري، ورواية من كان فاسد المذهب ولم يكن معتقداً بإمام أصلاً كبني فضّال وابن مهران وغيرهم، ورواية بعض الوضاعين الذين لم يخف حالهم على الشيعة كجعفر الأودي وابن عياش (أحمد بن محمد الجوهري) وكتاب (الكافي) مملوء من رواية ابن عياش، وهو بإجماع هذه الفرقة كان وضّاعاً كذّاباً. والعجيب من المرتضى (١) مع علمه بهذه الأمور كان يقول: إن أخبار فرقتنا وصلت إلى حد التواتر.
وأعجب من ذلك أن جمعاً من ثقاتهم رووا وحكموا عليه بالصحة، وآخرين كذلك حكموا عليه بأنه موضوع مفترى، وهذه الأخبار كلها في صحاحهم، كما أن ابن بابويه حكم بوضع ما روي في تحريف القرآن وآياته، ومع ذلك فتلك الروايات ثابتة في (الكافي) بأسانيد صحيحة بزعمهم، إلى غير ذلك من المفاسد، والله سبحانه يحقُّ الحقّ وهو يهدي السبيل.
المصدر:أخبار الشيعة وأحوال رواتها لمحمود شكري الألوسي تحقيق وتعليق محمد مال الله
(١) هو علي بن الحسين ابن موسى بن محمد بن موسى. ولد في رجب سنة ٣٥٥هـ، وهلك في الخامس والعشرين من ربيع الأول سنة٤٣٦هـ. انظر ترجمته: ((تنقيح المقال)) (٢: ٢٨٤)، ((الخلاصة)): (٩٥)، ((رجال ابن داود): ((١٣٦))، ((رجال النجاشي)) (٢: ١٠٢)، ((روضات الجنات)) (١: ٢٩٥)، ((رياض العلماء)) (٤/ ٢٠)، ((الفهرست)): (٩٨).