وقالت الفرقة العاشرة: إن محمد بن علي، الميت في حياة أبيه، كان الإمام بوصية من أبيه، وإشارته ودلالته ونصه على اسمه وعينه، ولا يجوز أن يشير إمام قد ثبتت إمامته وصحت على غير إمام، فلما حضرت الوفاة محمدا لم يجز أن يوصي ولا يقيم إماما، ولا يجوز له أن يوصي إلى أبيه، إذ إمامة أبيه ثابتة عن جده ولا يجوز أيضاً أن يأمر مع أبيه وينهى ويقيم من يأمر معه ويشاركه. وإنما ثبتت له الإمامة بعد مضي أبيه، فلما لم يجز إلا أن يوصي فقد أوصى إلى غلام لأبيه صغير كان في خدمته يقال له نفيس، وكان عنده ثقة أمينا، ودفع إليه الكتب والوصية، وأمره إذا حدث به حدث الموت أن يؤدي ذلك كله إلى أخيه جعفر، ما فعل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لما خرج إلى الكوفة، فقد دفع كتبه والوصية وما كان عنده من السلاح وغيره إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وآله واستودعها ذلك كله، وأمرها أن تدفعه إلى علي بن الحسين الأصغر إذا رجع إلى المدينة، فلما انصرف علي بن الحسين من الشام إليها، دفعت إليه جميع ذلك، وسلمته له، فهذا بتلك المنزلة في الإمامة لجعفر بوصية " نفيس " إليه عن محمد أخيه، فإن نفيسا لما خاف على نفسه لما علم أهل الدار قصته وأحسوا بأمره وحسدوه، ونصبوا له وبغوه الغوائل، وخشي أن تبطل الإمامة وتذهب الوصية دعا جعفرا وأوصى إليه، ودفع إليه جميع ما استودعه أخوه الميت في حياة أبيه، ودفع إليه الوصية على نحو ما أمره، وهكذا ادعى جعفر أن الإمامة صارت إليه من قبل محمد أخيه، لا من قبل أبيه وهذه الفرقة تسمى النفيسية.
وقالت فرقة من النفيسية أنكروا إمامة الحسن رضي الله عنه: لم يوص أبوه إليه، ولا غير وصيته إلى محمد ابنه، وهذا عندهم جائز صحيح، فقالوا بإمامة جعفر من هذا الوجه وناظروا عليها. وهذه الفرقة تتقول على أبي محمد الحسن بن علي رضي الله عنه تقولا شديداً، وتكفره وتكفر من قال بإمامته، وتغلو في القول في جعفر، وتدعي أنه القائم، وتفضله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتقدمه على الحسن والحسين وجميع الأئمة، وتعتل في ذلك: أن القائم أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله. وأخذ نفيس ليلا وألقي في حوض كان في الدار كبير فيه ماء كثير، فغرق فيه فمات وهذه الفرقة هي النفيسية الخالصة.