و (مستدرك الحاكم) معروف مشهور، وسبق الإشارة إليه، غير أنه جمع الصحيح والحسن والضعيف والموضوع.
وممن عرف بالتشيع كذلك النسائي، صاحب (السنن)، أحد الكتب الستة المعتمدة عند جمهور المسلمين، وعبدالرزاق صاحب (المصنف)، وابن عبدالبر، صاحب الكتب الكثيرة النافعة. انظر (منهاج السنة) لابن تيمية (٧/ ١٣، ٣٧٣)، ومنهج هؤلاء في الجرح والتعديل يعتبر من منهج الجمهور.
أما أسلاف عبدالحسين فإن منهجهم تأثر بعقيدتهم في الإمامة، فكما رفضوا الخلافة الراشدة للشيخين وذي النورين، رفضوا ما ثبت عنهم من أخبار، وطعنوا فيهم وفيمن لم يقل بقول عبدالله بن سبأ في الوصي بعد النبي، ولذلك طعنوا وجرحوا من شهد لهم ربهم عز وجل والرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم. وفي ظلمات هذه الجهالة ألفت كتبهم.
نماذج من الجرح والتعديل
الجرح والتعديل عند هؤلاء القوم – كما رأينا – يرتبط بعقيدتهم الباطلة في الإمامة، ووضعت كتبهم – كما سنرى – لتأييد هذه العقيدة. وكتب الرجال عندهم طعنت في خير جيل عرفته البشرية وجرحت صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضي عن الصحابة الكرام البررة. ولم يسلم من الطعن إلا من اشتهر في التاريخ بولائه لعلي بن أبي طالب. وقولهم بعصمة الأئمة جعلهم لا ينظرون إليهم على أنهم رواة ثقات بل جعلوهم مصدرا للتشريع، فأقوالهم سنة واجبة الاتباع كسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أدنى فرق، وأشرت إلى هذا من قبل. وسأكتفي هنا ببيان بعض النماذج مما جاء في كتب الرجال عندهم. وأصول هذه الكتب الرجالية خمسة هي: (رجال البرقي)، و (رجال الكشي)، و (رجال الشيخ الطوسي)، و (فهرسته)، و (رجال النجاشي). وقد رجع إلى هذه الأصول وغيرها عبدالله الماماقانى في كتابه (تنقيح المقال في علم الرجال). والمؤلف يلقبونه بالعلامة الثاني آية الله، أما علامتهم الأول فهو ابن المطهر الحلي الذي رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية. كما أشرت من قبل، وكتاب (تنقيح المقال) من أكبر الكتب حجماً ومكانة عندهم.
وإليك بعض النماذج مما جاء في هذا الكتاب.
ـ علي بن أبي طالب:
أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام، مناقبه وفضائله لا يسع البشر عدها وإحصاءها، قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي. وقد ورد أنه لو كان البحر مداداً، والأشجار أقلاماً وأوراق الأشجار قرطاساً، والجن والإنس كتاباً، لما أحصوا مناقبه!! (جـ ٢ ص ٢٦٤).
ـ محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة:
جليل القدر عظيم المنزلة من خواص علي رضي الله عنه وحوارييه. أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس لا من قبل أبيه. من أنجب النجباء، من أهل بيت سوء. بايع أمير المؤمنين على البراءة من أبيه، ومن الخليفة الثاني، وقال له: أشهد أنك إمام مفترض الطاعة، وأن أبي في النار ... إلخ.
(انظر ترجمته في ملحق الجزء الثاني (ص ٥٧، ٥٨) وينسب الرافضة هذه الأقوال للإمامين الباقر والصادق، وحاشاهما - رضي الله تعالى عنهما - أن ينطقا بمثل هذا الكفر الذي لا يقوله إلا عبدالله بن سبأ وأمثاله وأتباعه)
ـ عبدالله بن عمر بن الخطاب العدوي خليفة العامة:
بالغت العامة في مدحه، ومن لاحظ ترجمته المتفرقة وأمعن النظر فيها لم يعتمد على خبره ... إلخ (٢/ ٢٠١)
ـ عبدالله بن عمرو بن العاص:
كان كأبيه في الرأي والنفاق، والكذب على الله ورسوله، والخروج مع معاوية بصفين، وكفى بذلك جرحا ... إلخ (٢/ ٢٠٠)، وفي ترجمته أخذ الرافضي يلعنه ويلعن أباه!).
ـ عبدالرحمن بن عوف:
في ترجمته اتهام له ولذي النورين عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنهما، وفي نهاية الترجمة قال: لا أعتمد على روايته، لأن من خان في الأصول لا يوثق به في الفروع (٢/ ١٤٦: ١٤٧)