للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأينا من قبل كيف حاول صاحب (التفسير) المنسوب للإمام العسكري أن يغرر بضعاف العقول، وجهلة القوم، ليؤمنوا بخرافاته، ويسيروا في ظلمات ضلاله. والقمي هو الآخر قد حاول القيام بنفس الدور فسلك لذلك عدة طرق:

١ ـ جل آرائه نسبها للأئمة وعلى الأخص الإمامان الباقر والصادق. كما أشرنا في مقدمة الحديث عن الكتاب.

٢ ـ ذهب إلى أن القرآن الكريم لا يفهم معناه ولا يدرك مراده إلا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الأئمة. نسب للإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ أنه قال: " ذلك القرآن فاستنطقوه، فلن ينطق لكم، أخبركم عنه، إن فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم، وبيان ما أصبحتم فيه مختلفين، فلو سألتموني عنه لأخبرتكم عنه لأني أعلمكم " (١) ونسب للإمام الصادق أنه قال: إن الكتاب لم ينطق، ولن ينطق، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هو الناطق بالكتاب، قال الله: هَذَا بكتابنا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ [الجاثية:٢٩] فقال أحدهم: إنا لا نقرؤها هكذا، فقال الإمام: هكذا والله نزل بها جبريل على محمد، ولكنه فيما حرف من كتاب الله تعالى (٢).ونسب للإمام الباقر أنه قال: " القرآن ضرب فيه الأمثال للناس، وخاطب الله نبيه به ونحن، فليس يعلمه غيرنا " (٣).وذهب إلى أن من لا يقبل تأويل الكتاب فهو مشرك كافر (٤).٣ - وضع أسساً غريبة للتفسير، فإلى جانب القول بأن القرآن أصابه التحريف، ولا يؤخذ تأويله إلا عن طريقهم، نراه يذهب إلى أن هناك آيات لا يعرف تأويلها إلا بعد وقت نزولها! ويتحدث عن هذا النوع فيقول: " وأما ما تأويله بعد تنزيله فالأمور التي حدثت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبعده من غصب آل محمد حقهم، وما وعدهم الله به من النصر على أعدائهم، وما أخبر الله به من أخبار القائم وخروجه، وأخبار الرجعة والساعة " (٥).ويذهب إلى أن هناك آيات " مما خاطب الله به نبيه صلى الله عليه وسلم والمعنى لأمته، وهو قول الصادق: إن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بإياك أعني واسمعي يا جارة " (٦).وذهب إلى ما هو أبعد من هذا، فقال بأن هناك " ما هو مخاطبة لقوم ومعناه لقوم آخرين! فقوله (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ (أنتم يا معشر أمة محمد) فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا)، فالمخاطبة لبني إسرائيل، والمعنى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم (٧) ".

وبهذه الأسس استطاع أن يحرف القرآن الكريم نصاً ومعنى ليصل إلى ضلاله.


(١) ((المقدمة)) (ص ٣).
(٢) انظر (٢/ ٩٥)، ونص الآية الكريمة هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ * الجاثية: ٢٩ * فحرف الآية الكريمة لأنها تعارضت مع ما ذهب إليه.
(٣) (٢/ ٤٢٥).
(٤) انظر (٢/ ٢٦٠).
(٥) (مقدمة تفسيره) (ص ١٤).
(٦) (مقدمة تفسيره) (ص ١٤).
(٧) (نفس المقدمة) (ص ١٦)، والآية هي الرابعة من سورة الإسراء، والتحريف واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>