للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرواية الثالثة أنه قال في قوله تعالى " ٢٥: الحج ": وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ [الحج:٢٥]، نزلت فيهم: حيث دخلوا الكعبة، فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم، وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين رضي الله عنه، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه، فبعداً للقوم الظالمين.

وبعد هذه الرواية قال المجلسي:

بيان: قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ [النساء:١٣٧] أقول: الآية في سورة النساء هكذا: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً [النساء:١٣٧]، وفي سورة آل عمران هكذا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ [آل عمران:٩٠]، ولعله - ضم جزءاً من إحدى الآيتين إلى جزء من الأخرى لبيان اتحاد مفادها، ويحتمل أن يكون في مصحفهم " ع " هكذا، والظاهر أن المراد بالإيمان في الموضعين الإقرار باللسان فقط، وبالكفر الإنكار باللسان أيضاً، كما صرح به في تفسير علي بن إبراهيم.

قوله: بأخذهم من بايعه بالبيعة: لعل المراد بالموصول أمير المؤمنين رضي الله عنه، والمستتر في قوله: بايعه راجع إلى أبي بكر، والبارز إلى الموصول، ويحتمل أن يكون المستتر راجعاً إلى الموصول، والبارز إليه، أي أخذوا الذين بايعوا أمير المؤمنين يوم الغدير بالبيعة لأبي بكر، ولعله أظهر.

قوله: فلان وفلان وفلان: هذه الكنايات يحتمل وجهين: الأول أن يكون المراد بها بعض بني أمية كعثمان وأبي سفيان ومعاوية، فالمراد بالذين كرهوا ما نزل الله أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، إذ ظاهر السياق أن فاعل " قالوا " الضمير الراجع إلى " الذين ارتدوا " والثاني أن يكون المراد بالكنايات أبا بكر وعمر وأبا عبيدة، وضمير " قالوا " راجعاً إلى بني أمية بقرينة كانت عند النزول، والمراد بالذين كرهوا الذين ارتدوا، فيكون من قبيل وضع المظهر في موضع المضمر. نزلت والله فيهما: أي في أبي بكر وعمر، وهو تفسير للذين كرهوا. وقوله: وهو قول الله: تفسير لما نزل الله، وضمير " دعوا " راجع إليهما وأتباعهما، " وقالوا " أي هما وأتباعهما. قوله، في بعض الأمر: لعلهم لم يجترئوا أن يبايعوهم في منع الولاية فبايعوهم في منع الخمس، ثم أطاعوهم في الأمرين جميعاً، ولا يبعد أن تكون كلمة " في " على هذا التأويل تعليلية، أي نطيعكم بسبب الخمس لتعطونا منه شيئا. وقوله: " كرهوا ما نزل الله " إعادة للكلام السابق لبيان أن ما نزل الله في علي هو الولاية، إذ لم يظهر ذلك مما سبق صريحاً، ولعله زيدت الواو في قوله: " والذي " من النساخ، وقيل: قوله مرفوع على قول الله من قبيل عطف التفسير، فإنه لا تصريح في المعطوف عليه، بأن النازل فيهما في أتباعهما كرهوا أم قالوا (١).

وبعد أن انتهى المجلسي من بيانه السابق ذكر عشرات الروايات التي تحمل التحريف لكتاب الله تعالى، والتكفير لمن رضي الله عنهم ورضوا عنه من الصحابة الكرام البررة، ثم قال: اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده " ع " وفضل عليهم غيرهم، يدل على أنهم كفار مخلدون في النار (٢). ثم أورد ما يؤيد به رأيه، فقال: " قال الشيخ المفيد قدس الله روحه - في كتاب المسائل: اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة، وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة، فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار، وقال في موضع آخر: اتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار، وأن على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم، وإقامة البينات عليهم، فإن تابوا من بدعهم، وصاروا إلى الصواب وإلا قتلهم لردتهم عن الإيمان، وأن من مات منهم على ذلك فهو من أهل النار ".

ومن هذا نرى أن كتاب (بحار الأنوار) للمجلسي يعتبر امتداداً لحركة التضليل والتشكيك في كتاب الله العزيز، ويمثل جانب الغلو والتطرف عند الجعفرية الاثني عشرية.

المصدر:مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع لعلي السالوس - ص٥٥٧


(١) (٢٣/ ٣٧٦ - ٣٧٨).
(٢) (٢٣/ ٣٩٠)، وفي موضع آخر عقد المجلسي باباً كاملاً أسماه " باب كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم " ويعني بالثلاثة الخلفاء الراشدين!! انظر كتابة (٨/ ٢٠٨) إلى ٢٥٢ طبع حجر ".

<<  <  ج: ص:  >  >>