للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو إذن لا يجزم بالتحريف أو عدمه، أي أنه في منزلة بين القمي والطوسي. ثانياً: بينا لجوء الطوسي والطبرسي لتأويل بعض آي القرآن الكريم للاستدلال على عقيدة الإمامة، وهنا نجد صاحب (الميزان) يزيد عنهما غلواً وافتراء، فمثلاً آية الولاية التي تحدثنا عنها في الجزء الأول، نرى الطباطبائى يتناولها في أكثر من عشرين صفحة محاولاً أن يثبت بها الولاية، وضلال من لا يشاركه عقيدته، ويذكر أن علياً حاج أبا بكر بها فاعترف بأن الولاية لعلي (١).وعند قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [النساء:٥٩]. نراه يقول: " على الناس أن يطيعوا الرسول فيما بينه بالوحي، وفيما يراه من الرأي، وأما أولو الأمر منهم - كائنين من كانوا - لا نصيب لهم من الوحي، وإنما شأنهم الرأي الذي يستصوبونه، فلهم افتراض الطاعة نظير ما للرسول في رأيهم وقولهم، ولذلك لما ذكر وجوب الرد والتسليم عند المشاجرة لم يذكرهم بل خص الله والرسول ". (٢) ثم قال: " وبالجملة لما لم يكن لأولي الأمر هؤلاء خيرة في الشرائع، ولا عندهم إلا ما لله ورسوله من الحكم - أعني الكتاب والسنة - لم يذكرهم الله سبحانه وتعالى ثانيا، عند ذكر الرد. فلله تعالى إطاعة واحدة وللرسول وأولي الأمر إطاعة واحدة " (٣). ويبدو الاعتدال هنا في اختصاص الوحي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكنه جعل رأي أولي الأمر كرأي الرسول سواء بسواء، وطاعتهم داخلة في طاعة الرسول، لينتهي من هذا إلى وجوب عصمتهم والنص عليهم، وأنهم هم أئمة الجعفرية! وذكر روايات تؤيد ما ذهب إليه، فأحال كتاب الله تعالى إلى كتاب من كتب الإمامة عند الجعفرية.


(١) راجع تفسيره (٦/ ٢: ٢٤).
(٢) (٤/ ٤١٣).
(٣) (٤/ ٤١٤)، وانظره إلى (ص ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>