ولا هذا فحسب بل الصديق ورفاقه هم كانوا شهوداً على زواجه بنص الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب منه كما يذكر الخوارزمي الشيعي والمجلسي والأربلي أن الصديق والفاروق وسعد بن معاذ لما أرسلوا علياً إلى النبي صلى الله عليه وسلم انتظروه في المسجد ليسمعوا منه ما يثلج صدورهم من إجابة الرسول وقبوله ذلك الأمر، فكان كما كانوا يتوقعون، فيقول علي: فخرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أعقل فرحاً وسروراً، فاستقبلني أبو بكر وعمر، وقالا لي: ما ورائك؟ فقلت: زوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة ففرحا بذلك فرحاً شديداً ورجعا معي إلى المسجد فلما توسطناه حتى لحق بنا رسول الله، وإن وجهه يتهلل سروراً وفرحاً، فقال: يا بلال! فأجابه فقال: لبيك يا رسول الله! قال: اجمع إلي المهاجرين والأنصار فجمعهم ثم رقي درجة من المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: معاشر الناس إن جبرئيل أتاني آنفا وأخبرني عن ربي عز وجل أنه جمع ملائكته عند البيت المعمور، وكان أشهدهم جميعاً أنه زوج أمته فاطمة ابنة رسول الله من عبده علي بن أبي طالب، وأمرني أن أزوجه في الأرض وأشهدكم على ذلك" ("المناقب" للخوارزمي (ص٢٥١، ٢٥٢) أيضاً (كشف الغمة) (١/ ٣٥٨) أيضاً (بحار الأنوار) للمجلسي (١٠/ ٣٨، ٣٩) أيضاً (جلاء العيون) (١/ ١٨٤).
ويكشف النقاب عن الشهود الأربلي في كتابه (كشف الغمة) حيث يروي: "عن أنس أنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فغشيه الوحي، فلما أفاق قال لي: يا أنس! أتدري ما جاءني به جبرئيل من عند صاحب العرش؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: أمرني أن أزوج فاطمة من علي، فانطلق فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وطلحة والزبير وبعددهم من الأنصار، قال: فانطلقت فدعوتهم له، فلما أن أخذوا مجالسهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن حمد الله وأثنى عليه ثم إني أشهدكم أني زوجت فاطمة من عليّ على أربعمائة مثقال فضة" (كشف الغمة) (١/ ٣٤٨، ٣٤٩) ط تبريز، (بحار الأنوار) (١/ ٤٧، ٤٨).
هذا ولما ولد لهما الحسن كان أبو بكر الصديق، الرفيق الجد الحسن في الغار والصديق لوالده علي، والمساعد القائم بأعباء زواجه كان يحمله على عاتقه، ويداعبه ويلاعبه ويقول: بأبي شبيه بالنبي غير شبيه بعلي" (تاريخ اليعقوبي) (٢/ ١١٧):
وبنفس القول تمسكت فاطمة بنت الرسول رضي الله عنها. انظر لذلك (تاريخ اليعقوبي) (٢/ ١١٧).
وكانت العلاقات وطيدة إلى حد أن زوجة أبي بكر أسماء بنت عميس هي التي كانت تمرّض فاطمة بنت النبي عليه السلام ورضي الله عنها في مرض موتها، وكانت معها حتى الأنفاس الأخيرة وشاركها في غسلها وترحيلها إلى مثواها " وكان (علي) يمرضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استمرار بذلك" (الأمالي) للطوسي (١/ ١٠٧).
و"وصتها بوصايا في كفنها ودفنها وتشييع جنازتها فعملت أسماء بها" (جلاء العيون) (ص٢٣٥، ٢٤٢).
و"هي التي كانت عندها حتى النفس الأخير، وهي التي نعت علياً بوفاتها" (جلاء العيون) (ص٢٣٧).
و"كانت شريكة في غسلها" (كشف الغمة) (١/ ٥٠٤).
وكان الصديق دائم الاتصال بعلي من ناحية لتسأله عن أحواله بنت النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما يزعمه القوم.
"فمرضت (أي فاطمة رضي الله عنها) وكان علي يصلي في المسجد الصلوات الخمس، فلما صلى قال له أبو بكر وعمر: كيف بنت رسول الله؟ " كتاب (سليم بن قيس) (ص٣٥٣).
ومن ناحية أخرى من زوجه أسماء حيث كانت هي المشرفة والممرضة الحقيقية لها.
و"لما قبضت فاطمة من يومها فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله، فأقبل أبو بكر وعمر يعزيان علياً ويقولان: يا أبا الحسن! لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله" كتاب (سليم بن قيس) (ص٢٥٥).
المصدر:الشيعة وأهل البيت لإحسان إلهي ظهير - ص٧٢