للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخيراً نريد أن ننقل من المسعودي طرفاً من الفاجعة التي نزلت، والكارثة التي ألمت "فلما بلغ علياً أنهم يريدون قتله بعث بابنيه الحسن والحسين مع مواليه بالسلاح إلى بابه لنصرته، وأمرهم أن يمنعوه منهم، وبعث الزبير ابنه عبد الله، وطلحة ابنه محمداً، وأكثر أبناء الصحابة أرسلهم آباؤهم اقتداء بما ذكرنا، فصدوهم عن الدار، فرمى من وصفنا بالسهام، واشتبك القوم، وجرح الحسن، وشج قنبر، وجرح محمد بن طلحة، فخشي القوم أن يتعصب بنو هاشم وبنو أمية، فتركوا القوم في القتال على الباب، ومضى نفر منهم إلى دار قوم من الأنصار فتسوروا عليها، وكان ممن وصل إليه محمد بن أبي بكر ورجلان آخران، وعند عثمان زوجته، وأهله ومواليه مشاغل بالقتال، فأخذ محمد بن أبي بكر بلحيته، فقال: يا محمد! والله لو رآك أبوك لساءه مكانك، فتراخت يده، وخرج عنه إلى الدار، ودخل رجلان فوجداه فقتلاه، وكان المصحف بين يديه يقرأ فيه، فصعدت امرأته فصرخت وقالت: قد قتل أمير المؤمنين، فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما من بني أمية، فوجدوه قد فاضت نفسه رضي الله عنه، فبكوا، فبلغ ذلك علياً وطلحة والزبير وسعداً وغيرهم من المهاجرين والأنصار، فاسترجع القوم، ودخل علي الدار، وهو كالواله الحزين وقال لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ولطم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم محمد بن طلحة، ولعن عبد الله بن الزبير" (مروج الذهب) للمسعودي (٢/ ٣٤٤) ط بيروت).

ثم كان هو وأهله ممن دفنوه ليلاً، وصلوا عليه كما يذكر ابن أبي الحديد المعتزلي الشيعي:

"فخرج به ناس يسير من أهله ومعهم الحسن بن علي وابن الزبير وأبو جهم بن حذيفة بين المغرب والعشاء، فأتوا به حائطاً من حيطان المدينة يعرف بحش كوكب وهو خارج البقيع فصلوا عليه" (شرح النهج) لابن أبي الحديد الشيعي (١/ ٩٧) ط قديم إيران وج١ ص١٩٨ ط بيروت).

وكان من حب أهل البيت إياه أنهم زوجوا بناتهم من أبنائه وإياه، ولقد زوجه خير خلق الله ابنتيه، وسموا أسماء أبنائهم باسمه كما ذكر المفيد أن واحداً من أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان اسمه عثمان:

"فأولاد أمير المؤمنين سبعة وعشرون ولداً ذكراً وأنثى (١) الحسن (٢) الحسين (١٠) عثمان أمه أم البنين بنت حزام بن خالد بن ورام" (الإرشاد) للمفيد (ص١٨٦) تحت عنوان "ذكر أولاد أمير المؤمنين").

وذكر الأصفهاني أنه قتل مع أخيه الحسين بكربلاء.

"قتل عثمان بن علي وهو ابن إحدى وعشرين سنة، وقال الضاحك: إن خولي بن يزيد رمى عثمان بن علي بسهم فأوهطه (أي أضعفه) وشد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله وأخذ رأسه" (مقاتل الطالبين) (ص٨٣) (عمدة الطالب) (ص٣٥٦) ط نجف، و (تاريخ اليعقوبي) (٢/ ٢١٣).

فهذا هو ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه صهر رسول الله وحبيبه في الدنيا والآخرة، وحبيب أهل البيت وابن عمهم وعمتهم، وقريبهم، يحبهم ويحبونه مثل الصديق والفاروق:

"وأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشيجة رحم منها، ونال من صهره ما لم ينالا" (نهج البلاغة) تحقيق صبحي صالح (ص٢٣٤) كما قاله المرتضى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وهذا هو موقفهم تجاهه وتجاه الصديق والفاروق الخلفاء الراشدين المهديين الثلاثة، بينّاه من كتب القوم أنفسهم، ومن المصادر الأصلية الموثوقة المعتمدة لديهم بذكر الصفحات والمجلدات.

المصدر:الشيعة وأهل البيت لإحسان إلهي ظهير - ص١٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>