وهذا مع رواية اليعقوبي الشيعي "وبلغ أبا بكر وعمر أن جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله، فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار، وخرج علي ومعه السيف، فلقيه عمر، فصارعه عمر فصرعه، وكسر سيفه، ودخلوا الدار فخرجت فاطمة فقالت: والله لتخرجن أو لأكشفن شعري ولأعجن إلى الله! فخرجوا وخرج من كان في الدار وأقام القوم أياماً ثم جعل الواحد بعد الواحد يبايع" (تاريخ اليعقوبي) (٢/ ١٢٦).
ولا ندري، من الصادق من القوم؟ نعمة الله الجزائري وسليم بن قيس العامري
والقطب الراوندي والقمي والمجلسي أو العياشي واليعقوبي؟
لا ندري، أم كلهم كذبة يكذبون ويحكون، ولا يدرون أن أهل البيت لم يقولوا، ولم يكونوا هكذا، ولو كانوا أو قالوا لما قالوا في أبي بكر، هو الصديق، وفي عمر، أنه ميمون النقيبة ومرضي السيرة، ولم يسموا أبناءهم بأسمائهم، ولم يناكحوهم ويعاشروهم ويمدحوهم بعد موتهم، فلا نستطيع أن نقول بعد رواية هذه الأشياء كلها: اللهم إلا أن أهل البيت كانوا صادقين في أفعالهم وأعمالهم، ومصيبين في أقوالهم وأحوالهم، والشيعة يكذبون عليهم، ويخالفونهم في معتقداتهم، ويعادون أحباءهم ورحماءهم وأقاربهم وقادتهم وأمراءهم وحكامهم، الذين أخلصوا لهم الطاعة والمناصحة والولاء والمشورة كما بينّاه سابقاً بالتفصيل.
وإلا فهل يعقل من مثل ذلك الرجل الشجاع الباسل، البطل الكمّي أن يجبره أبو بكر على بيعته، وعمر على تزويجه من بنته، وعثمان على رضائه بتقديمه، وتسمية أبنائه بأسمائهم رضوان الله عليهم أجمعين، ومعه من أهل بيته وأنصاره من معه؟.والظاهر أن القوم مع إظهارهم ولاء أهل البيت يخالفونهم في بغضهم الخلفاء الراشدين وأصحاب نبي الله المختارين النجباء، الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفداه أبوي وروحي: ((طوبى لمن رآني وآمن بي)) (١) كتاب (الخصال) (٢/ ٣٤٢).
وعلى كل وإننا لنذكر مخالفة القوم أهل البيت في عدائهم لأرحام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصهاره.
فيقول العياشي أيضاً في ذي النورين رضي الله عنه أن الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى [البقرة:٢٦٤] نزلت في عثمان" (تفسير العياشي) (١/ ١٤٧) (البحار) (٨/ ٢١٧).
وأما القمي فليس أقل من العياشي في اللعن والطعن والتفسيق والتكفير، فيذكر تحت قول الله عز وجل: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا [الأنعام:١١٢] ما بعث الله نبياً إلا وفي أمته شيطانان يؤذيانه ..... وأما صاحبا محمد فحبتر وزريق" (تفسير القمي) (٢/ ٢٤٢).
ولقد نقلنا عنه روايات عديدة في كتابنا (الشيعة والسنة).
وأما البحراني فهو على شاكلتهما، فيكتب تحت قول الله عز وجل ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة:٤٠] محترقا من معيّة الصديق النبي عليه الصلاة والسلام في سفره من مكة إلى المدينة، مهاجراً إلى الله، مصاحباً أبا بكر بأمر من الله وثقة في الصديق، ورغبة في صحبته، يقول: أمر رسول الله علياً فنام على فراشه، وخشي من أبي بكر أن يدلّهم عليه فأخذه معه إلى الغار" (البرهان) (٢/ ١٢٧).
(١) رواه أحمد (٣/ ٧١) (١١٦٩١) وأبو يعلى (٢/ ٥١٩) (١٣٧٤) وابن حبان (٧٢٣٠) والطبراني (٨٠٢٥) قال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٦٧) رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجالها رجال الصحيح غير أيمن بن مالك الاشعري وهو ثقة، وقال البوصيري في الإتحاق (١/ ١٥) رجاله ثقات، وصححه الألباني في الصحيحة (١٢٤١)