للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحاف ليس له لحاف غيره، ومعه عائشة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام بين عليّ وعائشة، ليس عليهم لحاف غيره، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل حطّ بيده اللحاف من وسطه بينه وبين عائشة" (كتاب سليم بن قيس ص٢٢١).

هل هناك إهانة أكبر من هذه الإهانة؟

نعم! هناك أكبر وأكثر، منها ما رواها القوم أن علياً أتى رسول الله (صلى الله عليه) وسلم وعنده أبو بكر وعمر، فيقول:

فجلست بينه وبين عائشة، فقالت له عائشة: ما وجدت إلا فخذي وفخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مه يا عائشة! " (البرهان في تفسير القرآن ٤/ ٢٢٥).

ومرة أخرى جاء "فلم يجد مكاناً، فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه: ههنا (يعني خلفه) وعائشة قائمة خلفه وعليها كساء، فجاء علي فقعد بين رسول الله وبين عائشة، فغضبت وقالت: ما وجدت لإستك موضعاً غير حجري، فغضب رسول الله وقال: يا حميراء! لا تؤذيني في أخي" (كتاب سليم بن قيس العامري ص١٧٩).

هذا وكانوا يهينونه ويخذلونه بعد ما تولى الحكم وصار خليفة للمسلمين وأميراً للمؤمنين فلم يكن يذهب بهم إلى معركة ولا إلى حرب إلا وكانوا يتسللون منها ملتمسين الأعذار، وبدون العذر أيضاً خفية تارة وجهراً تارة أخرى، وكتب التاريخ مليئة بخذلانهم إياه، وتركهم وحده في جميع المعارك التي خاضها، والحروب التى أججت نيرانها وابتلي بها وعلى ذلك كان يقول:

قاتلكم الله: لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدرى غيظاً، وجرعتموني نغب التهمام أنفاساً، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب - إلى أن قال - ولكن لا رأي لمن لا يطاع" (نهج البلاغة ص٧٠، ٧١).

وقال: ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلاً ونهاراً، وسراً وإعلاناً، وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا. فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت الغارات، وملكت عليكم الأوطان. وهذا أخو غامد وقد وردت خيله الأنبار، وقد قتل حسان بن حسان البكري، وأزال خيلكم عن مسالحها، ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة، والأخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها، وقلائدها ورعثها، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام. ثم انصرفوا وافرين. ما نال رجلاً منهم كلهم، ولا أريق لهم دم، فلو أن امرءا مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً، بل كان به عندي جديراً، فيا عجباً! عجباً - والله - يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم! فقبحاً لكم وترحاً، حين صرتم غرضاً يرمى: يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون! فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم: هذه حمارة القيظ، أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارة القر، أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فراراً من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السيف أفر" (نهج البلاغة ص٧٠، ٧١).

المصدر:الشيعة وأهل البيت لإحسان إلهي ظهير - ص٢٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>