للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الطوسي في كتابه المسمى كتاب (الغيبة) فقد حطب في أخبار المهدي بليل، ولذا فلا أدري ما الذي أذكره عنه في أخبار هذا المهدي غير أني سأشير إلى بعض ذلك فيما يلي: أكد الطوسي أن المهدي الغائب شوهد مرات عديدة حول الكعبة وهو يدعو بهذا الدعاء: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم انتقم لي من أعدائك" (١).وأنه يظهر في كل سنة لخواصه يوماً واحداً، فيحدثهم ويحدثونه، ويقلب لهم الحصى ذهباً (٢).وهو لا يحب أن يساكن أحداً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقد ذكر الطوسي عنه أنه قال –كما أوصاه أبوه-: (لا أجاور قوماً غضب الله عليهم ولعنهم، ولهم الخزي في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب أليم) (٣).وقد أورد الطوسي روايات كثيرة تفيد علم المهدي بالمغيبات (٤).واقرأ هذا العنوان: "فصل، وأما ظهور المعجزات الدالة على صحة إمامته في زمان الغيبة فهي أكثر من أن تحصى، غير أنا نذكر طرفاً منها" (٥)

, فإذا استطعت أن تقرأه فإنك ستجد ما يدهش العقل ويضيق الصدر من الأخبار التي لا يحتمل سماعها من له عقل وذوق. واقرأ توقيعات المهدي لنوابه حال غيبته عنهم (٦)، وما أورده من الفتاوى والأقوال الجاهلة في تلك التوقيعات المزورة على أيدي أولئك النواب والذين كثر عددهم إلى حد أنهم أصبحوا فريقين متضادين، وكلاء وسماسرة ممدوحين وعددهم عند الطوسي (١٣) رجلاً، ووكلاء وسماسرة مذمومين وعددهم (٦)، له ولسائر الأئمة, ومنهم سفراء ممدوحين وعددهم (٣)، وآخرين مذمومين وهم عدد كثير، قال الطوسي بعد أن ذكر عدداً من أسماء السفراء قال: فهؤلاء جماعة المحمودين وتركنا ذكر استقصائهم لأنهم معروفون مذكورون في الكتب, فأما المذمومون فجماعة، ثم ذكر عدداً كثيراً منهم (٧).

وهناك الكثير من المزاعم والتهويلات حول شخصية هذا المهدي في كتب الشيعة، لعل فيما أشرنا إليه من ذلك ما يكفي لمعرفة مدى ضحالة هذه الأفكار، ونسيان أهلها لعقولهم، وتلاعب الشيطان بهم واستخفافهم بعقول الناس عند شغفهم بتثبيت آرائهم، وإظهار مذاهبهم، وركوبهم لذلك كل صعب وذلول غير مبالين بنتائج تهورهم وشناعة معتقداتهم.

أما هذا المهدي عندهم فهو الإمام الثاني عشر من أئمتهم حسب ترتيبهم لهم، واسمه محمد بن الحسن العسكري. ومع كل اهتمام الشيعة بأخباره والتلهف على لقائه فلقد اضطرب كلامهم حوله وتناقضت فيه أقوالهم، ومع أنه –كما هو الصحيح عند أكثر العلماء- أنه شخصية خيالية لا وجود له إلا في أذهان الشيعة الذين يزعمون إمامته وينتظرون خروجه بعد غيبته الكبرى (٨)

، ومن تلك التناقضات الشيعية ما تجده من:

١ - اختلاف الشيعة في وجود محمد بن الحسن وولادته.

فقد اختلفت كلمتهم في وجود هذا الشخص، فبعضهم ذهب إلى أن الحسن العسكري مات ولم يعرف له ولد أصلاً، وقال هؤلاء بأن الحسن العسكري حين توفي ظن بعضهم أن بجاريته حملاً فوكلوا بها من يراقبها حتى تبين أن لا حمل بها.


(١) انظر ((كتاب الغيبة)) (ص٤٣١ - ٤٤١).
(٢) ((كتاب الغيبة)) (ص١٥٢).
(٣) ((كتاب الغيبة)) (ص١٦١).
(٤) ((كتاب الغيبة)) (ص١٦٢).
(٥) ((كتاب الغيبة)) (ص١٧٠).
(٦) ((كتاب الغيبة)) (ص ١٧٢).
(٧) انظر ((كتاب الغيبة)) (ص١٩٩ - ٢٤١).
(٨) لأنهم يزعمون أن له غيبتين: إحداهما: يوم وفاة أبيه وهي الصغرى، ومدتها (٦٨) أو (٦٩) سنة. وثانيهما: الكبرى، وتبدأ من وفاة أبي الحسين علي بن محمد السمري آخر السفراء الأربعة المزعومين.

<<  <  ج: ص:  >  >>