الأمر الثاني: إن هناك فئةً صغيرةً من الشيعة تسمي نفسها " الإخباريين " وهم الذين لم يستخدموا علم الأصول أو بالأحرى الأدلة العقلية في استنباط الأحكام الشرعية، وإن العملية الاجتهادية تتم عندهم بالكتاب والسنة والإجماع ومن أشهر علمائهم الشيخ " حر العاملي " صاحب كتاب (وسائل الشيعة) الذي يعتبر من أهم المصادر الشيعية في الفقه.
ولنعد مرةً أخرى إلى الطريقة الاجتهادية التي تمتاز الشيعة بها عن غيرها ونود أن نضيف هنا بأن الطريقة الاجتهادية بحد ذاتها أمر حسن وجميل يتلاءم مع التطور الاجتماعي والفكري, فكما تسير البشرية نحو الأفضل تتحرك نحو الأكمل, لا بد وأنها تصادف أموراً حديثة هي بحاجة إلى قوانين جديدة لم تذكر في المباحث الفقهية من قبل، فالعملية الاجتهادية تسهل استنباط القوانين الشرعية إذا لم تتعارض مع أصول العقيدة، فإذا كان المجتمع متحركاً فلا بد وأن تتحرك القوانين الاجتماعية معه عندما لا تتعارض مع الكتاب والسنة والإجماع، فلو كان علماء الشيعة يسيرون في العمل الاجتهادي كفقهاء للمذهب الجعفري يبينون حلال الله وحرامه شأنهم شأن سائر فقهاء المسلمين الذين وقفوا أنفسهم لله لم يتخذوا على عملهم أجراً ولم يريدوا عليه جزاءً ولا شكوراً, لكانت الشيعة بخير ولكانت الأمة الإسلامية على أحسن ما يرام، ولكن مع الأسف الشديد إن فقهاءنا -عن عقيدة أو عن جهل أو ضرورة- أضافوا بدعتين صريحتين إلى العمل الاجتهادي ومسخوا كل معالم الإخلاص والعمل لله وهما كما قلنا الجناحان الخفاقان على رؤوس الشيعة ما دامت السموات والأرض: الخمس في أرباح المكاسب. وولاية الفقيه.