للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينما يستلزم الأسلوب العلمي إثبات التهمة من نص كلام المتهم، وليس من خلال روايات تحمل على أسوأ المحامل، لطالما صرح علماء أهل السنة أنها من باب الناسخ والمنسوخ، فنحن نؤمن أن من القرآن ما نسخت تلاوته كما قال تعالى: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:١٠٦]. والنسخ من فعل الخالق، بينما التحريف من فعل المخلوق.

أما أن أحداً من أهل السنة علماء أو عامة له قول ينصص به على التحريف فهذا لا أثر له ألبتة. ونحن حين نتهم الإمامية الاثني عشرية بالتحريف لا نستند على رواياتهم فقط، بل نعتمد على نصوص وأقوال علمائهم المصرحة بذلك تصريحاً تاماً، إضافة إلى رواياتهم التي لا تقبل التأويل.

لازم المذهب ليس بمذهب:

تقول القاعدة الأصولية: لازم المذهب ليس بمذهب، ومن معاني هذه القاعدة أن لازم قول القائل ليس بقول له ما لم يصرح به؛ لأن القائل قد لا يستحضر لزوم ذلك لقوله. أو يعتقد أن هذا لا يلزمه، وقد يكون محقاً في هذا، فيكون الذي ألزمه مخطئاً.

فمثلاً .. الإمامية مذهبهم عدم رؤية الله وعدم سماع كلامه مطلقاً. وهذا يستلزم عدم وجود الله أساساً. لأن الذي لا يرى وجهه ولا يسمع كلامه ولا يدرك بأية حاسة لا فرق بينه وبين المعدوم، فإن هذه هي صفات المعدوم لا الموجود، لكننا لا ننسب هذا القول إليهم - وإن لزمهم - لأنهم لا يقولون به.

ونحن حين نتهم الإمامية بالقول بالتحريف لا نتهمهم طبقاً للازم قولهم, وإنما استناداً إلى نص كلامهم مع الاستشهاد برواياتهم، التي لا وجه لتأويلها بغير ما تنص عليه من التحريف.

والملاحظ أن الإمامية حين يلزمون أهل السنة بما يدعون أنه لازم لهم يفعلون الشيء نفسه مع أقوال الرب جل وعلا! فأصولهم ليست هي نص ما يقوله الله نفسه، وإنما هي لوازم ألصقوها بأقواله، لو كانت حقاً لصرح الله بها.

تناقض صارخ:

والعجيب أنهم يدفعون التهمة عن أنفسهم مع وجود النص القولي والنص الروائي الصريح المصحح عندهم، بينما يلقون بالتهمة على غيرهم مع عدم وجود نص بذلك يستندون إليه قط!

المصدر: تحريف القرآن عند الشيعة تهمة باطلة أم حقيقة ثابتة لطه حامد الدليمي

<<  <  ج: ص:  >  >>