وفكرة الغلو تحتل قلوب كثير من الناس حتى من غير المسلمين وتشارك الفرق الإسلامية الأخرى الشيعة في غلوهم بالنسبة للأئمة والأولياء نستثني منهم (السلفية) الذين استطاعوا أن يحطموا القيود التي قيدت عقول الناس وقلوبهم على السواء، غير أن الشيعة سبقت الفرق الإسلامية الأخرى في هذا المضمار كثيراً ويعود هذا الإسراف في الغلو إلى كتب الروايات التي لم تهذب, وموقف الفقهاء من تلك الروايات وعدم تفنيدهم لمحتواها، فقد ذكرت كتب الشيعة والتي تعتبر موثوقة قصصاً في معجزات الأئمة وفي كراماتهم هي لا تقل عن تلك التي نجدها في كتب روايات الفرق الإسلامية الأخرى عن المشايخ والأولياء وشيوخ الصوفية، ولا أريد أن أدخل في ذلك الجدل العقيم, هل أن هذه الروايات صادقة أم أنها من نسج الخيال؟ وأنها حيكت في عصر كانت أذهان العامة لا ترتضي ولا تطمئن إلا أن تسمع قصصاً مثيرةً عن حياة كبرائهم، ولكن النقطة الأساسية والتي أرتكز عليها في هذا البحث هي أننا نحن كمسلمين وكأمة نعتقد بأن المعطيات العقلية هي أكثر المعطيات اتباعاً وقبولاً وهي التي تغنينا عن السير أشواطاً وراء السراب، ونحن معاشر الشيعة بالذات قد اتخذنا المذهب العقلي جزءاً من استنباط أحكامنا الفقهية وهناك رواية ذكرها الكليني في (أصول الكافي) متواتراً عن الإمام "الصادق" جاء فيها:"إن أول ما خلق الله العقل فقال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر ثم قال: فبعزتي وجلالي بك أعاقب وبك أثيب".