للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) .... ثم يستعرض إمامهم وشهيدهم آية الله حسن الشيرازي الأدوار التي مرت بها هذه الشعائر فيشتكي من الظلم الذي منع الشيعة من إظهار هذه الشعائر فيقول: "غير أن الشيعة لم يقدروا على هذا التعبير الجريء عندما كانوا يرزحون في ظلمات بني أمية وبني العباس وإنما اختلفت عليهم الظروف القاسية والرخية اختلاف الفصول على مشاتل الورد فاختلفت تعبيراتهم باختلافها" (٢).

ثم ذكر الشيرازي خمسة أدوار: ... الدور الأول: وهو دور الأئمة. قال الشيرازي: "انحصر فيه تعبير الشيعة على تجمع نفر منهم في بيت أحدهم، إنشاد فرد منهم أبيات من الشعر، أو تلاوته أحاديث في رثاء أهل البيت، وبكاء الآخرين بكل تكتم وإخفاء وتقية الحكومات الظالمة أن تطيش بهم في جنون فتطير رؤوسهم" (٣).

قلت وهذا كلام مردود وهو من كيس الشيرازي لأنه لم يذكر أي مصدر نقل منه هذا الكلام .... الدور الثاني: دور بني العباس. وقد اشتكى الشيرازي من هذا الدور إلا إنه عاد فقال: "فتوسعت مجالس التأبين على الإمام الشهيد وعلت برثائه المنابر ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع" (٤).

... قلت: وكلام الشيرازي هذا مردود أيضا بل قام هو بنسفه عندما قال: " ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع" فما الفائدة إذن من استشهادك به؟ ‍‍‍‍‍‍.

... ثم يذكر الشيرازي الدور الثالث فيقول:"دور البويهيين والديالمة والفاطميين وخاصة أيام معز الدولة الديلمي، الذين رفعوا الإرهاب، وأطلقوا طاقات الشيعة، ومكنوهم من إخراج مجالس التأبين عن الدور إلى المجامع والشوارع والساحات العامة، وإعلان الحداد الرسمي العام يوم عاشوراء، إغلاق الأسواق، وتنظيم المواكب المتجولة في الشوارع والساحات" (٥) .... ثم يذكر الدور الرابع فيقول: "دور الصفويين وخاصة عهد العلامة المجلسي الذي شجع الشيعة على ممارسة شعائرهم بكل حرية فأضافوا إليها التمثيل الذي كان إبداعاً منهم لتجسيد المأساة" (٦) .... ثم يذكر الدور الخامس فيقول: "دور الفقهاء المتأخرين وعلى رأسهم الشيخ مرتضى الأنصاري وآية الله الدربندي حيث أكثرت الشيعة من مواكب السلاسل والتطبير" (٧) .... ثم عاد الشيرازي ليعترف بما اعترف به التبريزي والفاني الأصفهاني قال: "ولو أن الشيعة في عهود الأئمة عليهم السلام وجدوا الحرية الكاملة لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم وأكثر، غير أنهم لم يكونوا يجدون الحرية (الكافي) ة للتعبير الكامل عن مدى انفعالهم في كل العصور" (٨).

.. فيقول الشيرازي "لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم" دليل على أن هذه الشعائر القائمة اليوم لم تكن قائمة في تلك العصور التي تكلم عنها. إذن هذه الشعائر لم تكن على عهد الأئمة ولم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فهي من محدثات الأمور التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)) (٩).

... فعلى الشيعي المنصف أن يدرك هذا ويعيد النظر في حضوره ومواظبته على هذه المآتم.

... وقبل أن ننهي هذا الفصل نوقف القارئ الكريم على إجابة محمد حسين فضل الله على من سأله عن تأسيس المأتم الحسيني.

قال حسين فضل الله: "المأتم الحسيني أسسه أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين كانوا يعقدونه في بيوتهم ويستدعون من يقرأ الأشعار التي تذكر مصيبة الحسين عليه السلام بطريقة عاطفية".

وقد سئل بمناسبة سابقة عن تأسيس المأتم الحسيني فأجاب: "لا يبعد أن تأسيس الحسينيات انطلق من فكرة احترام المسجد لأن الناس قد يحتاجون إلى الاستماع لعزاء الحسين عليه السلام أو للمواعظ والإرشادات وفيهم الجنب وفيهم الحائض, ومن جهة عدم جواز تنجيس المسجد فلربما جعلت الحسينيات إلى جانب المساجد لا لتكون بديلة عنها فهذا ما لم يفكر فيه أحد، ولكن من أجل حماية المساجد وإفساح المجال للاستماع للموعظة والذكرى الحسينية حتى يحضرها كل الناس حتى لو أدى ذلك إلى تنجيسها أو ما إلى ذلك ولا نعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات".

قلت: فلاحظ أنه أول الأمر زعم أن أئمة أهل البيت هم الذين أنشأوا المآتم الحسينية، ثم جاء بعد ذلك ليقول: إنها انطلقت من فكرة احترام المسجد، وأنه لا يعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات.

المصدر:من قتل الحسين رضي الله عنه؟ لعبد الله بن عبد العزيز


(١) أي أنه قبل البويهيين والفاطميين ليست مظهراً من مظاهر خدمة الحق وإعلان الحقيقة, فجاء هؤلاء وليس الأئمة المعصومون فجعلوها مظهراً من مظاهر خدمة الحق.
(٢) ((الشعائر الحسينية)) للشيرازي (ص ٩٧ - ٩٨).
(٣) ((الشعائر الحسينية)) للشيرازي (ص ٩٨).
(٤) ((الشعائر الحسينية)) (ص ٩٨).
(٥) ((الشعائر الحسينية)) (ص ٩٩).
(٦) ((الشعائر الحسينية)) (ص ٩٩).
(٧) ((الشعائر الحسينية)) (ص ٩٩).
(٨) ((الشعائر الحسينية)) (ص ١٠٠).
(٩) رواه مسلم (٨٦٧) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه, بدون لفظ: (وكل ضلالة في النار).

<<  <  ج: ص:  >  >>