للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلاحظ أخي المسلم كيف أن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنكر عليهم أشد الإنكار ارتفاع أصواتهم بالبكاء .... كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها" (١) .... وروى الكليني عن فضل بن ميسرة قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه رجل فشكى إليه مصيبة أصيب بها. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما إنك إن تصبر تؤجر، وإلا تصبر يمضي عليك قدر الله الذي قدّر عليك وأنت مأزور" (٢) .... وعن الصادق جعفر بن محمد قال: إنّ الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن، ويأتيه البلاء وهو صبور، وإنّ البلاء والجزع يستبقان إلى الكافر، فيأتيه البلاء وهو جزوع" (٣) .. قال محمد بن مكي العاملي الملقب بالشهيد الأول: " والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع" (٤).

... فالشيخ وهو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي الملقب بشيخ الطائفة قد حرم النوح، وادعى الإجماع، أي أنه وإلى عصر الطوسي، كان الشيعة مجمعين على تحريم النوح والعويل الذي نسمعه الآن في الحسينيات. فقارن بالله عليك بين هذا وبين فتاوى علمائهم التي مضى إيرادها .... وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: "لكن عن الشيخ في المبسوط ابن حمزة بالتحريم مطلقاً" (٥).وقال الشيرازي: "ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل" (٦).وقال نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن الملقب بالمحقق الحلي المتوفى سنة (٦٧٦) هـ: "والشيخ استدل بالإجماع على كراهيته-الجلوس للتعزية- إذ لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالفة لسنة السلف" (٧).وقال محمد بن مكي العاملي: "والشيخ نقل الإجماع على كراهية الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة أيام، ورده ابن إدريس أنه اجتماع وتزاور، وانتصر المحقق: ولم ينقل من أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك, فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم، قلت: الأخبار المذكورة مشعرة به فلا معنى لاغترام حجة التزاور وشهادة الإثبات مقدمة " (٨).وقال يوسف البحراني معلقاً على روايات تحريم النياحة بما نصه: "وأكثر الأصحاب الإعراض عن هذه الأخبار وتأويلها بل تأويل كلام الشيخ أيضاً بالحمل على النوح المشتمل على شيء من المناهي كما هو ظاهر سياق الحديث الأول. قال في الذكرى بعد نقل القول بالتحريم عن الشيخ وابن حمزة: والظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل أو المشتمل على المحرم كما قيده في النهاية، ثم نقل جملة من أخبار النهي، وقال: وجوابه الحمل على ما ذكرناه جمعاً بين الأخبار، ولأنّ نياحة الجاهلية كانت كذلك غالباً، ولأنّ أخبارنا خاصة والخاص مقدّم. أقول: من المحتمل قريباً حمل الأخبار الأخيرة على التقية، فإنّ القول بالتحريم قد نقله في المعتبر عن كثير من أصحاب الحديث من الجمهور" (٩)

وتقييد الشيخ له في النهاية إن صح ما نقله البحراني عنه مردود بإقرار الشيخ نفسه بإجماع طائفته على تحريمه.

فماذا تنتظر بعد هذا أيها الشيعي المنصف؟!!

المصدر:من قتل الحسين رضي الله عنه؟ لعبد الله بن عبد العزيز


(١) أخرجه بهذا الفظ الحر العاملي في ((وسائل الشيعة)) (٢/ ٩١٥) والمجلسي في ((بحار الأنوار)) (٨٢/ ١٠٤) ويوسف البحراني في ((الحدائق)) (٤/ ١٦٧) وهو في كتاب ((الفقه للشيرازي)) (٥/ ٢٥٣).
(٢) ((الكافي)) (٣/ ٢٢٥)، ((الذكرى)) (ص ٧١)، ((وسائل الشيعة)) (٢/ ٩١٣).
(٣) ((الذكرى)) (ص ٧١).
(٤) ((الذكرى)) (ص ٧٢)، ((بحار الأنوار)) (٨٢/ ١٠٧).
(٥) ((الفقه)) (١٥/ ٢٥٣).
(٦) ((الفقه)) (١٥/ ٢٦٠).
(٧) ((المعتبر)) (ص ٩٤).
(٨) ((الذكرى)) (ص ٧٠).
(٩) ((الحدائق)) (٤/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>