ولعل المفوضة أرادوا أن الله تعالى فوض الخلق إلى علي فساعده على الخلق فكان ولياً ومعيناً فمن أتى بذلك قاصداً به التأذين فقد شرع في الدين، ومن قصده جزءاً من الأذان في الابتداء بطل أذانه بتمامه، لكن صفة الولاية ليس لها مزيد شرفية لكثرة معانيها، فلا امتياز لها إلا مع قرينة إرادة معنى التصرف والتسلط فيها كالاقتران مع الله ورسوله في الآية الكريمة ونحوه، لأن جميع المؤمنين أولياء الله، فلو بدل بالخليفة بلا فصل، أو بقول أمير المؤمنين، أو بقول حجة الله تعالى، أو بقول أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحوها كان أولى وأبعد عن توهم العوام أنه من فصول الأذان.
ثم قوله: أن علياً ولي الله مع ترك لفظ أشهد أبعد عن الشبهة، ولو قيل بعد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله على محمد سيد المرسلين وخليفته بلا فصل علي ولي الله أمير المؤمنين لكان بعيداً عن الإيهام وأجمع لصفات التعظيم والاحترام. (الاعتصام بحبل الله / ص٥٠ - ٥٢) (كشف الغطاء / جعفر آل كاشف الغطاء ص٢٢٧).
٦ - كاظم اليزدي الطبطبائي:
قال في (العروة الوثقى) ما نصه: وأما الشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين فليست جزءا منهما - الأذان والإقامة - ولم يتعرض لاستحباب إكمال الشهادتين بالشهادة الثالثة ولم يذكر الشهادة الثالثة في الأذان، وقد أمضى فتوى العروة الوثقى كل من:
١ - السيد أبو الحسن الأصفهاني.
٢ - السيد ضياء الدين العراقي.
٣ - السيد الأغا حسين البروجردي.
٤ - السيد الأراكي.
٥ - السيد الخوئي.
٦ - السيد الكلبايكياني. (الاعتصام بحبل الله / ص٤٩) (العروة الوثقى /كاظم اليزدي ١/ ٤٥٨)
٧ - هناك عدد كبير من المراجع والعلماء الكبار يحتاطون في الإقامة لشبهة أنها جزء من الصلاة كما أن سيرة العلماء الذين جاؤوا بعد الغيبة إلى عهود متأخرة على عدم الإتيان. وهذه بعض الرسائل العملية التي ذكرت الأذان والإقامة ولم تذكر الشهادة الثالثة جزءا منهما، أو ذكر استحبابها كأمر مستقل خارج عنهما:
١ - الشيخ محمد حسن صاحب (الجواهر) في كتابه (نجاة العباد).
٢ - محمد تقي الشيرازي في الرسالة المنطقية على فتواه.
٣ - مهدي الخالصي في الشريعة السمحاء ووافقه الشيخ محمد رضا آل ياسين.
٤ - السيد الحيدري في رسالته.
٥ - السيد حسن الصدر في كتاب (المسائل المهمة).
٦ - السيد أحمد كاشف الغطاء في سفينة النجاة. (الاعتصام بحبل الله / ص ٤٨)
ما تقدم هو استعراض يسير لبعض أقوال علماء الشيعة المنكرين للشهادة الثالثة في الأذان، وأن ما ذكرته هنا من أسماء هؤلاء الأعلام لم يكن على وجه التتبع والاستقصاء وإنما هو بقدر ما سمح لنا الوقت به والمتابعة والبحث، ولربما تركت أسماء آخرين لعدم توافر تمام كتبهم عندي. أقول: هلم معي أيها القارئ نسائل علماء الشيعة عن هذه الكتب التي نقلت منها أليست هي مراجع الشيعة؟ أليس هؤلاء أعلامهم وأئمتهم؟ أليس من واجب الباحث أن يراجع تلكم الكتب ثم ينقض ويبرم، ويزن ويرجح؟ فالحق أحق أن يتبع. وظهر لنا مما تقدم من أقوال الأئمة والعلماء أن الصيغة الصحيحة للأذان خالية من ذكر الشهادة الثالثة وهذه حقيقة خطيرة جداً حري بالشيعي أن يقف عندها طويلاً ليتأملها لأنها من الدين الذي سنسأل عنه يوم القيامة وهل اتبعنا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم والأئمة, أم تركنا هديهم ولسان حالنا يقول: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ [الزخرف: ٢٣].
المصدر:الشهادة الثالثة في الأذان حقيقة أم افتراء لعلاء الدين البصير