كما قالوا أيضاً: إن سقطت في رواية ماء فأرة أو جرو أو صعوة ميتة فتنفخ فيها لم يجز شربه ولا الوضوء منه، وإن كان غير متفسخ فلا بأس بشربه والوضوء منه، وتطرح الميتة إذا خرجت طرية، وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء" (كتاب من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي ١/ ١٤).
ورووا عن جعفر بن الباقر أنه قال:
لو أن ميزابين سالا, أحدهما ميزاب بول والآخر ميزاب ماء، فاختلطا، ثم أصابك ما كان به بأس" (الفروع من الكافي ٣/ ١٢، ١٣)، أيضاً (تهذيب ١/ ٤٢).
كما رووا عنه أيضاً أنه قال له أحد: أغتسل في مغتسل يبال فيه ويغتسل من الجنابة، فيقع في الإناء ماء فينزو من الأرض؟ فقال: لا بأس به" (الفروع من الكافي ٣/ ١٤).
وروى القمي في كتابه "أن أبا جعفر الباقر عليه السلام دخل الخلاء، فوجد لقمة خبز في القذر، فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك كان معه، فقال: تكون معك لآكلها إذا خرجت، فلما خرج عليه السلام قال للمملوك: أين اللقمة؟ قال: أكلتها يا ابن رسول الله، فقال: إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة، فاذهب أنت حر، فإني أكره أن أستخدم رجلاً من أهل الجنة" (كتاب من لا يحضره الفقيه باب أحكام التخلي ١/ ٢٧).
وهذه هي أكاذيب القوم أنهم يمنحون صكوك المغفرة على أكل القذرة والخبز.
ومن أكاذيبهم المضحكة المبكية أنهم يروون عن جعفر أنه قال:
لما ولد النبي صلى الله عليه وسلم مكث أياماً ليس له لبن، فألقاه أبو طالب على ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبنا، فرضع منه أياماً حتى وقع أبو طالب على حليمة السعدية فدفعه إليها" (الأصول من الكافي كتاب الحجة ١/ ٤٥٨ ط طهران).
ومثل ذلك ما ذكروا "لم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من أنثى، كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث" (الأصول من الكافي ١/ ٤٦٥).
وانظر إلى القوم كيف يختلقون القصص، وينسجون الأساطير لتمجيد من يرون تمجيده ولو أنهم لا يجيدون اختلاقها، ولا يحسنون نسجها، فيبين فسادها، ويظهر عوارها وحتى للأطفال والصبيان دون الرجال والعقلاء، لكن أنى للقوم أن يفهموا ويبصروا.
ومن مثل هذه الأكاذيب ما افتروه على باقر بن زين العابدين أنه قال:
((قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك تلثم فاطمة وتلتزمها وتدنيها منك وتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك؟
فقال: إن جبرئيل عليه السلام أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها، فتحولت ماء في صلبي، ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فأنا أشتم بها رائحة الجنة)) (علل الشرائع ١/ ١٨٣).
ولما كانت فاطمة هكذا لا بد أن يكون علي مثلها في ذلك: فاختلقوا في علي وولادته قصة تشابهها، ولقد أورد الفتال (١)
في كتابه أن أبا طالب "أتي بطبق من فواكه الجنة رطبة ورمان، فتناول أبو طالب منه رمانة ونهض فرحاً من ساعته حتى رجع إلى منزله فأكلها فتحولت ماء في صلبه، فجامع فاطمة بنت أسد فحملت بعلي" (روضة الواعظين للفتال ١/ ٨٧ ط قم إيران).
ومنها أيضاً ما افتراه صدوقهم على جعفر أنه سئل:
(١) هو محمد بن الحسن بن علي الفتال النيسابوري، الفارسي، قال القمي: الحافظ الواعظ، صاحب كتاب ((روضة الواعظين))، كان من علماء المائة السادسة، ومن مشائخ ابن شهر آسوب" ((الكنى والألقاب)) (٣/ ٩). قال الحلي: متكلم جليل القدر، فقيه، عالم، زاهد، قتله أبو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور" ((رجال الحلي)) (ص٢٩٥ سنة ٥٠٨)