للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"مخيم عكا ٢٠ آزار ١٧٩٨م إلى بشير: "بعد السيطرة على مصر دخلت صحراء سيناء .. فأتيت إلى العريش ثم إلى غزة ثم إلى يافا بعد أن التقيت بجيوش الجزار وسحقتها، ومنذ يومين وصلت إلى عكا وأنا أحاصرها الآن.

وأسرع إلى إعلامك بكل ذلك لأنك لا شك في أنك تفرح لهزائم هذا الطاغية (يعني الجزار) الذي سبب الكثير من الذعر للإنسانية عامة وللدروز الأباة بشكل خاص، ورغبتي المخلصة هي أن أقيم للدروز استقلالهم وأعطيهم مدينة بيروت ذات المرفأ كمركز تجاري لهم. لذلك فإني أرغب في أن تأتي شخصيًّا أو ترسل حالاً من يمتلك لرسم خطة للتغلب على عدونا المشترك، ويمكنك أن تذيع في جميع القرى الدرزية أن كل من يأتي لنا بالمؤن وخاصة الخمر سيكافأ بسخاء" (١).

ويقول الكابتن (بورون): "إن الأمير بشير لم يجب على رسالة نابليون ولكن قوة من الدروز والموارنة انضمتا إلى جيش نابليون الذي كان يحاول إخضاع عكا في آذار ١٧٩٩، أتت قوة من الخيالة الدروز والموارنة لنجدة نابليون الذي كان يحاول إخضاع عكا .. ثم يقول إن الدروز والموارنة آزروا نابليون، وإن الأمير بشير أمده بالقادة والمستشارين، وإن فارس بك الأطرش قال له: إن جده إسماعيل كان يملك عدة رسائل بإمضاء نابليون موجهة إلى والده إسماعيل، ولكن هذه الأوراق أتى عليها حريق شب في المنزل".

ومنذ تاريخ ٢٥/ ٧/١٩٢٠ وحتى ١٧/ ٤/١٩٤٦ والمسلمون يقاومون الاستعمار الفرنسي بكل ما يملكون من قوة مادية كانت أو معنوية .. غير أن الدروز كان لهم موقف في جبلهم، لقد رحبوا بالغزاة المحتلين، وقدموا لهم كل ما يقدرون عليه من دعم أو مساعدة، واطمأن الفرنسيون إليهم وأمنوا مكرهم ومن ذلك أنه حينما دخل الفرنسيون دمشق بعد معركة ميسلون سنة ١٣٣٨هـ - ١٩٢٠م اتخذ القائد الفرنسي (غورو) حرسه الخاص من الدروز بمعرفة متعب الأطرش، مما يدل على الثقة الكاملة التي أولاها الفرنسيون هؤلاء، الفرنسيون أجروا اتصالاتهم ورفعوا عريضة للمسئول الفرنسي يطلبون الاستقلال وهذه مقدمة عريضتهم:

"لحضرة رئيس البعثة الفرنسي في دمشق الأفخم: بناء على بلاغاتكم المتكررة للرؤساء الروحيين، لنا الشرف أن نقدم لسيادتكم بالنيابة عن الشعب الدرزي في جبل حوران برنامج الاستقلال المدرج أعلاه الذي يطلبه الشعب لكي تتكرموا بتقديمه لحضرة صاحب الفخامة المندوب السامي؛ راجين أن يتوسل بالتصديق عليه من قبل حكومة الجمهورية الفرنسية المعظمة، واقبلوا فائق احترامنا". وفي ٢٤تشرين الأول عام ١٩٢٢م أصدر الجنرال غورو وقراره رقم ١٦٤١ بإعطاء جبل حوران استقلاله باسم دولة جبل الدروز المستقلة (٢).

قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ.

المصدر:خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية لمحمود محمد عبد الرحمن - ص ١٥٧


(١) أ/ محمد عبد الغني النواوي: ((رؤية إسلامية في الصراع العربي الإسرائيلي)) (ص٣١)، ((والانحرافات العقدية والعلمية)) (١/ ٥٧٦، ٥٧٧).
(٢) راجع هذه المراسلات في: ((رؤية إسلامية في الصراع العربي الإسرائيلي)) (ص٣٦ - ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>