للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول القاضي حسين بن أحمد العرشي متحدثًا عن الباطنية – أي الشيعة – وأثرهم في زعزعة الأمن وإثارة الثورات في بلاد اليمن:"اعلم أن الباطنية أخزاهم الله تعالى أضر على الإسلام من عبدة الأوثان، وسموا بها لأنهم يبطنون الكفر ويتظاهرون بالإسلام، ويختفون حتى تمكنهم الوثبة وإظهار الكفر، وهم ملاحدة بالإجماع، ويسمون بالإسماعيلية؛ لأنهم ينسبون أئمتهم إلى إسماعيل بن جعفر الصادق وبالعبيدية لدعائهم إلى عبيد الله بن ميمون القداح .. والآن يسمون شيعة لكونهم مظهرين أن أئمتهم من أولاد الرسول حين عرفوا أنهم لا يستقيم لهم إمالة الحق والدخول إلى دهليز المفر إلا بإظهار المحبة والتشيع ولهم قضايا شنيعة وأعمال فظيعة كالإباحية، وغيرها، وينكرون القرآن والنبوة والجنة والنار .. وتراهم إذا وجدوا لأنفسهم قوة أظهروا أمرهم وأعلنوا كفرهم، فإن غلبوا ولم تساعدهم الأيام كمنوا كما تكمن الحية في جحرها، وهم مع ذلك يؤملون الهجوم والوثبة وأن ينهشوا عباد الله .. ولا ينبغي لذي معرفة وقوة أن يعرف منهم أحدًا يقتدر عليه فيتركه وشأنه فإنهم أهلكهم الله تعالى شياطين الأرض" (١).

وحتى الشيعة الزيدية في اليمن كانوا يضطهدون أهل السنة هناك حيث كانوا يسيطرون على مقاليد الحكم في ظل الدولة العثمانية، ولما أراد الترك الجلاء عن بلاد اليمن عام ١٣٣٧هـ، خشي أهل السنة من سيطرة الزيدية على بلادهم .. وحاول بعض أهل السنة المقاومة فلم تتحد كلمتهم، وباغتهم إمام الزيدية في اليمن آنذاك بجيش من قبائل الزيدية ودارت معارك طاحنة استمرت ستة أشهر، ثم هزمت جموع أهل السنة وأذعن جميعهم لحكم الإمام وسيطرة الزيدية .. وفي بلاد الضالع استمرت المعارك بين الزيدية والسنة عامين كاملين كانت الحرب فيها سجالا (٢).وكم عذبوا وآذوا وقتلوا من علماء السنة في اليمن كما فعلوا بالشيخ محمد صالح الأخرم، حيث اعتقلوه وهو في شيخوخته، واختطفوا الشيخ مقبل بن عبد الله وقتلوا العلامة محمد بن علي العمراني الصنعاني أحد تلامذة الإمام الشوكاني المشهورين (٣).

ولعل أحدًا من أهل السنة لا يخدع ويردد أن الزيدية أقرب فرق الشيعة من أهل السنة والجماعة – حيث تتصف بالاعتدال والقصد والابتعاد عن التطرف والغلو – بعدما ذكرنا.

ومن أراد المزيد فليراجع كتاب (هدية الزمان في أخبار ملوك الحج وعدن) لمؤلفه (العبدلي مؤرخ حضرموت).

ولعل ذلك هو الذي حدا بالشيخ محمد أبي زهرة إلى أن يقول:"وضعف المذهب الزيدي فقد غالبته المذاهب الشيعية الأخرى أو طوته أو لقحته ببعض مبادئها ولذلك كان الذين حملوا اسم هذا المذهب من بعد لا يجوزون إمامة المفضول فأصبحوا يعدون من الرافضة، وهم الذين يرفضون إمامة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وبذلك ذهب من الزيدية الأولى أبرز خصائصها" (٤).

ومن طريف ما يذكر في قتالات الشيعة الزيدية وأهل السنة في اليمن ما قاله الشيخ الدفتردار:


(١) ((بلوغ المرام شرح مسك الختام فيمن تولى ملك اليمن من ملك وإمام)) (ص٢١) مطبعة التبريز – القاهرة ١٩٣٩م.
(٢) انظر ((الانحرافات العقدية والعلمية)) (١/ ٥٨٤، ٥٨٥).
(٣) ((الانحرافات العقدية والعلمية)) (١/ ٥٨٦).
(٤) انظر: الشيخ/ محمد أبو زهرة: ((تاريخ المذاهب الإسلامية)) ١/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>