للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم مع تقدم الزمن كثر الجهل وانتشرت الصوفية وكثرت طوائفها، فتجد الشخص الواحد ينتمي إلى أبي الحسن الأشعري عقيدة وإلى الشافعي – مثلاً – مذهباً وإلى الصوفية طريقة وسلوكاً – وقد يحدد طريقته -، فلما كثر الجهل وفشا في الناس الشرك بالله في الاستغاثة والنذر والذبح وغير ذلك أنكر كبار أهل العلم ذلك وبينوا بطلانه وذرائعه التي أوقعت كثيراً من الناس فيه – ومن أولئك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه ثم الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله جميعاً، فظهر من علماء الأشاعرة من يدافع عن العوام بحجة أن فعلهم: توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو الولي!!

وفيما يلي طائفة من علماء الأشاعرة الذين ارتبطوا ارتباطاً وثيقاً بالصوفية أو دافعوا عن أفعالهم:

١) السبكي: وقد ألف كتابه: (شفاء السقام في زيارة خير الأنام)، يرد به على شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة شد الرحال، وقد رد عليه الحافظ ابن عبدالهادي في كتابه: (الصارم المنكي).

٢) ابن حجر الهيتمي: وقد ألف كتابه: (الجوهر المنظم في زيارة النبي المعظم) – يرد به على شيخ الإسلام ابن تيمية كذلك. فهذان العالمان الأشعريان قد تكلما في مسألة هي من أكبر ذرائع الشرك، بل قد ذكرا جواز المجيء إلى القبر النبوي لطلب الاستغفار والتشفع والاستغاثة به (١).٣) ابن عاشر: وقدر أشار في نظمه: المرشد المعين (٢): إلى ارتباط الأشعرية بالصوفية فقال:

وبعدُ فالعونُ من اللهِ المجيد ... في نظم أبيات للأمي تفيد

في عقد الأشعري وفقه مالك ... وفي طريقة الجنيد السالك

ثم قال شارحه: "أخبر أن نظمه هذا جمع مهمات العلوم الثلاثة وهي: العقائد والفقه والتصوف، المتعلقة بأقسام الدين الثلاثة وهي: الإيمان والإسلام والإحسان. (٣) " اهـ.٤) الباجوري، وقد ذكر في آخر شرحه تحفة المريد على جوهرة التوحيد شيئاً من مبادئ التصوف، وقد نقل كلاماً غريباً هو فتح لباب دعاء الموتى والاستغاثة بهم لقضاء الحوائج فقال: "قال الشعراني، ذكر لي بعض المشايخ أن الله تعالى يوكل بقبر الولي ملكاً يقضي الحوائج، وتارة يخرج من قبره ويقضيها بنفسه!!." (٤) اهـ. ولم يتعقبه بشيء – إلا محشي الكتاب فقد تعقبه – فهذا الكلام فتح صريح للشرك.٥) محمد الأمير وهو صاحب الحاشية المشهورة على شرح جوهرة التوحيد، وقد ذكر عن نفسه بعد فراغه من حاشيته على شرح الجوهرة التي هي في عقيدة الأشاعرة أنه مالكي المذهب شاذلي الطريقة فقال: "يقول من لا قول له: محمد الأمير المصري الأزهري المالكي الشاذلي: وافق الكمال ليلة ... " (٥) الخ.


(١) قال السبكي في كتابه: ((شفاء السقام)) (١٦٠ - ١٦١): "اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى ..... وجواز ذلك من الأمور المعلومة لكل ذي دين .... حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام ليس فيه على الضعفاء الأغمار ... وحسبك أن إنكار ابن تيمية للاستغاثة والتوكل قول لم يقله عالم قبله"!! اهـ.
(٢) ((المرشد المعين)) (ص: ٦) مع شرحه الحبل المتين.
(٣) ا ((لحبل المتين شرح المرشد المعين)) (ص: ٧).
(٤) ((تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد)) (ص: ١٥٣).
(٥) ((حاشية الأمير على شرح جوهرة التوحيد)) (ص: ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>