للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن كبار القائلين بوحدة الوجود عامر بن عامر أبو الفضل عز الدين حيث قال محاكياً الفارض في تائيته وفي معتقده أيضاً:

تجلى لي المحبوب من كل وجهة ... فشاهدته في كل معنى وصورة

وخاطبني مني بكشف سرائر ... تعالت عن الأغيار لطفاً وجلت (١)

فقال أتدري من أنا قلت أنت أنا ... منادى أنا إذ كنت أنت حقيقتي

نظرت فلم أبصر محض وحدة ... بغير شريك قد تغطت بكثرة

تكثرت الأشياء والكل واحد ... صفات وذات ضمناً في هوية

فأنت أنا لا بل أنا أنت وحدة ... منزهة عن كل غير وشركة (٢)

وقد اختار نقل هذه الأبيات من تائية ابن عامر الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهي صريحة لا لبس فيها على ما يذهب إليه أهل وحدة الوجود الذين يرون أنه لا يكتمل إيمان العبد ولا يصل إلى الله إلا إذا تلاشت "أنا" من نفسه فأصبح في لجة جمع الجمع ورفع الاثنينية. وقد سلك هذا المسلك في الاعتقاد بوحدة الوجود جماعة أخرى من الصوفية يمكن إحالة القارئ للاطلاع على كلامهم إلى كتاب الشيخ عبد الرحمن الوكيل، حيث ذكر نصوصاً كثيرة عنهم نثراً ونظماً، ومن أولئك محمد بن إسحاق المشهور بالقونوى (٣)، وعبد الغني بن إسماعيل المشهور بالنابلسي (٤)، وعبد السلام بن بشيش أو مشيش وهو من كبار شيوخ الشاذلية، ومحمد الدمرداش المحمدي (٥)، وأحمد بن عجيبة الإدريسي (٦)، وحسن رضوان (٧).

وكل واحد من هؤلاء قد أدلى بدلوه وخاض فيما ليس له بحق وحاول تثبيت عقيدة وحدة الوجود بكل ما أمكنه من الكلام نثراً ونظماً مما قد يطول نقله وتثقل قراءته، إذ إنهم لا يختلفون إلا في الألفاظ فقط والمورد واحد.

المصدر:فرق معاصرة لغالب عواجي ٣/ ٩٨٦


(١) أي تعالى الله عن أن يكون له غير إذ هو عين كل شيء، والمسلم يقول: تعالى الله عن الشريك والمثيل؛ لأنه العظيم. انظر: هذه ((هي الصوفية)) (ص ٥٧).
(٢) تائية ابن عامر.
(٣) له كتاب ((مراتب الوجود)) مخطوط بالظاهرية بدمشق (رقم ٥٨٩٥).
(٤) رسالة اسمها ((حكم شطح الولي)) مخطوط بالظاهرية بدمشق (رقم ٤٠٠٨).
(٥) له كتاب ((القول الفريد)).
(٦) له كتاب ((إيقاظ الهمم في شرح الحكم)).
(٧) له كتاب ((روض القلوب المستطاب)).

<<  <  ج: ص:  >  >>