للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ إبراهيم الجعبري: كان له مريدة تسمع وعظه وهو بمصر وهي بأرض السودان من أقصى الصعيد (١).

حسين أبو علي: " من كمّل العارفين، كان كثير التطورات، تدخل عليه فتجده جندياً، ثم تدخل عليه فتجده سبعاً، ثم تدخل فتجده فيلاً (يا ألطاف الله) " (٢). تخيل هذا الذي من كمّل العارفين يتحول إلى سبع وإلى فيل .... ؟!

إبراهيم بن عصيفير: " كان يغلب عليه الحال وكان يمشي أمام الجنازة ويقول زلابيه وهريسة وأحواله غريبة، وكان يحبني وأنا في بركته وتحت نظره " (٣). قد يكون هذا مجنون لا تكليف عليه، أما أن يقول الشعراني: سيدي إبراهيم، وكنت في بركته وتحت نظره، فهذا مما لا ينقضي من العجب، وما رأي صوفية اليوم هل ينكرون على الشعراني هذا الكلام؟ لا أعتقد، بل يبدوا أن هؤلاء وأمثالهم هم أقرب إلى الظن بأن الحقيقة إنما ينطق بها البلهاء قبل أن ينطق بها العلماء.

ومن أثر الصوفية وكتب الشعراني وغيره أن أساتذة في جامعات مصر، أساتذة في الطب والفيزياء والكيمياء وتكون عقولهم سليمة عند البحث العلمي وتمسخ عند الحديث عن الولي الفلاني كيف طار في الهواء أو غاص في الماء (٤)، لا شك أنها ازدواجية تحتاج إلى تحليل نفسي لمعرفة أسبابها ودوافعها، وقد رأينا طلاب جامعات في بلاد الشام كيف يتبعون دجالاً مخرفاً، ظاهر الكذب والاحتيال، إن هؤلاء المشايخ يقومون بعملية غسل دماغ للمريد بطريقة شيطانية خبيثة تجعل طلاب الجامعات بل وأساتذتهم يسيرون وراء الشيخ كالقطيع، وتبقى أجواء الصوفية غير العقلانية هي العامل الأهم.

إن قمة إلغاء العقل عند الصوفية هو ما يسمونه (بالشطح) وهي أن يتكلم أحد مشاهيرهم بكلمات غير معقولة أو تتضمن كفراً وزندقة في الظاهر ويقولون: إنه قالها في حالة جذب وسكر أما في حالة الصحو فيتراجع عنها وقيل في تعريف (الشطح):" كلمة عليها رائحة الرعونة والدعوى تصدر عن أهل المعرفة باضطرار وإضراب " (٥).

وهذه نماذج من شطحاتهم: قال أبو يزيد البسطامي " إن جهنم إذا رأتني تخمد فأكون رحمة للخلق، وما النار والله لئن رأيتها لأطفأنها بطرف مرقعتي " (٦).

والدسوقي يعلن أن أبواب الجنة بيديه ومن زاره أسكنه جنة الفردوس (٧) وأبو الحسن الشاذلي يعوم في عشرة أبحر: خمسة من الآدميين: محمد وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وخمسة من الروحانيين: جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل والروح (٨) وأحمد بن سليمان الزاهد شفعه الله في جميع أهل عصره (٩).

شطحاتهم لا تنتهي ونكتفي بما أوردنا كنموذج للرعونة والدعوى وأقوالهم هذه مرفوضة جملة وتفصيلاً ولا تستحق بذل الجهد لتبريرها فقاعدة الإسلام الركينة أننا نحكم بالظاهر كما دلت جملة الأحكام الشرعية، فلا مجال لمدع أن يقول بأن باطن أقوالهم مخالف لظاهرها، ويجب أن يصان الإسلام عن مثل هذا الشطح واللامعقول، بل الشرك لأن ممن يتصرف في الجنة والنار فقد اتخذ نفسه نداً لله وشركاً وقال ابن عقيل "ومن قال هذا كائناً من كان فهو زنديق يجب قتله " (١٠).

وإذا كانت الجنة بيد الدسوقي فلينم البطالون وليستريحوا من عناء الجهد والتعب والأمر لا يحتاج إلى علم أو عبادة أو جهاد بل مجرد زيارة الشيخ تفتح له أبواب الجنة أليست هذه نسخة أخرى عن صكوك الغفران، وأما نحن فنستغفر الله حتى من إيراد أقوالهم.

المصدر:الصوفية نشأتها وتطورها لمحمد العبدة، وطارق عبد الحليم


(١) ((الطبقات)) (١/ ٢٠٣).
(٢) ((الطبقات)) (٢/ ٨٧).
(٣) ((الطبقات)) (٢/ ١٤٠).
(٤) لاحظ هذا الانفصام الدكتور زكي نجيب محمود وطبعاً الدكتور هنا لا يدافع عن الإسلام الحقيقي وإنما يدافع عن العقل وتأثره بالمذهب الوضعي المنطقي العلماني الاتجاه.
(٥) بدوي: ((شطحات الصوفية)) (١/ ٢٢).
(٦) انظر: ((تاريخ التصوف)) لعبد الرحمن بدوي.
(٧) ((هذه هي الصوفية)) (١٢١).
(٨) ((لطائف المنن)) (٥٧).
(٩) ((طبقات الشعراني)) (٢/ ٨٢).
(١٠) ((تلبيس إبليس)) (٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>