للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما الذي يتكلم عليه الجيلي في هذا الكتاب: إن كتابه من أوله وآخره يدور حول معنى واحد وهو وصف الله بصفات مخلوقاته، وبيان أن المخلوق هو عين الخالق .. هذا كل ما يريد الجيلي أن يصل إليه وهذا هو ما شرحه شرحاً كاملاً في كتابه، وأضاف أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الكامل والإله الكامل الذي اتصف بكل صفات الله بعلوها وسفلها، بحلوها ومرها؛ فقل هو الله أحد معناها كما يفسرها الجيلي: قل يا محمد الإنسان هو الله أحد. فهاء الإشارة في (هو) راجع إلى فاعل قل وهو أنت .. فيكون المعني يا محمد هو أي أنت الله أحد .. هذا هو الكشف الذي كشفه لنا الجيلي من الغيب وهذا هو الكتاب الذي ليس فيه شيء يخالف الكتاب والسنة.

وهذا نص عبارة الجيلي في ذلك: ..

"الحرف الخامس من هذا الاسم: هو الهاء، فهو إشارة إلى هوية الحق الذي هو عين الإنسان قال الله تعالى (قل) يا محمد (هو) أي الإنسان (الله أحد) فهاء الإشارة في هو راجع إلى فاعل قل وهو أنت، وإلا فلا يجوز إعادة الضمير إلى غير مذكور أقيم المخاطب هنا مقام الغائب التفاتاً بيانياً إشارة إلى أن المخاطب بهذا ليس نفس الحاضر وحده، بل الغائب والحاضر في هذا على السواء.

قال الله تعالى (ولو ترى إذ وقفوا) ليس المراد به محمداً وحده بل كل راء، فاستدارة رأس الهاء إشارة إلى دوران رحى الوجود الحقي والخلقي على الإنسان، فهو في عالم المثال كالدائرة التي أشارت الهاء إليها، فقل ما شئت إن شئت قلت الدائرة حق وجوفها خلق، وإن شئت قلت الدائرة خلق وجوفها حق فهو حق وهو خلق، وإن شئت قلب الأمر فيه بالإلهام، فالأمر في الإنسان دوري بين أنه مخلوق له ذل العبودية والعجز وبين أنه على صورة الرحمن، فله الكمال والعز.

قال الله تعالى (والله هو الولي) يعني الإنسان الكامل الذي قال فيه (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) لأنه يستحيل الخوف والحزن وأمثال ذلك على الله لأن الله هو الولي الحميد وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الشورى:٩] أي الولي، فهو حق منصور في صورة خلقية، أو خلق متحقق بمعاني الإلهية، فعلى كل حال وتقدير وفي كل مقال وتقرير هو الجامع لوصفي النقص والكمال، والساطع في أرض كونه بنور شمس المتعال، فهو السماء والأرض، وهو الطول والعرض، وفي هذا المعنى قلت:

لي الملك في الدارين لم أرى فيهما ... سواي فأرجو فضله أو فأخشاه

ولا قبل من قبلي فالحق شأنه ... ولا بعد من بعدي فأسبق معناه

وقد حزت أنواع الكمال وإنني ... جمال جلال الكل ما أنا إلا هو

فمهما ترى من معدن ونباته ... وحيوانه مع أنه وسجاياه

ومهما ترى من عنصر وطبيعة ... ومن هباء الأصل طيب هيولاه

ومهما ترى من أبحر وقفاره ... ومن شجر أو شاهق طال أعلاه

ومهما ترى من صورة معنوية ... ومن شهد للعين طال محياه

إلى أن يقول:

فإني ذلك الكل والكل مشهدي ... أنا المتجلي في حقيقته لا هو" (ص٣١)

ويشرح الجيلي هذا المعنى المجمل تفصيلياً في الباب الستين من كتابه فيقول بالنص:

الباب الملفى ستين: في الإنسان الكامل وأنه محمد صلى الله عليه وسلم وأنه مقابل للحق والخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>