ثم يزعم الجيلي أن السماء الرابعة هي قلب الشمس وأن فيها إدريس وأن أكثر الأنبياء في دائرة هذا الفلك المكين مثل عيسى وسليمان وداود وإدريس وجرجيس .. وغيرهم .. الخ.
أسمعتم يا مسلمون نبياً من أنبياء الله يسمى جرجيس، .. ها هو الجيلي اطلع عليه في السماء وجاءكم باسمه كما جاءكم باسم ملك يسمى توحائيل .. أنظرتم كيف يكون الكشف وعلم الغيب. هذه هي نماذجه. وأما السماء الخامسة عند الجيلي فهي سماء الكوكب المسمى بهرام .. وحاكم هذه السماء عزرائيل وهو روحانية المريخ صاحب الانتقام والتوبيخ .. (هكذا والله .. ) ويستطرد الجيلي فيصف السماء السادسة فهي عنده كوكب المشتري .. ويقول "رأيت فيها موسى عليه السلام متمكناً في هذا المقام واضعاً قدمه على هذه السماء قابضاً بيمينه (يلاحظ في هذا التخليط والتقول على الله أن هؤلاء الكاذبين يعمدون إلى الوحي القرآني والحديثي فيأخذون منه ما يشاءون ويخلطونه بهذه الأكاذيب ويزعمون أن ذلك هو الكشف الذي كشف لهم فذكر منصبة موسى على ساق سدرة المنتهي مأخوذ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم أكون أول من يفيق فأجد موسى باطشاً بساق العرش) ساق سدرة المنتهي سكران من خمر تجلي الربوبية .. " أي موسى انطبعت في مرآة علمه أشكال الأكوان وتجلت فيه ربوبية الملك الديان .. وأنه دار بينه وبين الجيلي هذا الحوار .. يقول الجيلي بالنص:
"فوقفت متأدباً بين يديه، وسلمت بتحقيق مرتبته عليه، فرفع رأسه من سكرة الأزل ورحب بي ثم أهل، فقلت له: يا سيدي قد أخبر الناطق بالجواب الصادق في الخطاب، أنه قد برزت لك خلعة لن تراني من ذلك الجناب، وحالتك هذه غير حالة أهل الحجاب، فأخبرني بحقيقة هذا الأمر العجاب، فقال: اعلم أنني لما خرجت من مصر أرضي إلى حقيقة فرضي، ونوديت من طور قلبي بلسان ربي من جانب شجرة الأحدية في الوادي المقدس بأنوار الأزلية إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:١٤] فلما عبدته كما أمر في الأشياء، وأثنيت عليه بما يستحقه من الصفات والأسماء تجلت أنوار الربوبية لي فأخذني عني، فطلبت البقاء في مقام اللقاء، ومحال أن يثبت المحدث لظهور القديم، فنادى لسان سري مترجماً عن ذلك الأمر العظيم، فقلت: رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف:١٤٣] فأدخل بانيتي في حضرة القدس عليك فسمعت الجواب من ذلك الجناب لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إلى الْجَبَلِ [الأعراف:١٤٣] وهي ذاتك المخلوقة من نوري في الأزل، فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ بعد أن أظهر القديم سلطانه فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ [الأعراف:١٤٣] وجذبتني حقيقة الأزل وظهر القديم على المحدث جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا ً [الأعراف:١٤٣] فلم يبق في القديم إلا القديم، ولم يتجل بالعظمة إلا العظيم، هذا على أن استيفاؤه غير ممكن وحصره غير جائز، فلا تدرك ماهيته ولا ترى ولا يعلم كنهه ولا يدري، فلما اطلع ترجمان الأزل على هذا الخطاب أخبركم به من أم الكتاب (أي أن الجيلي اطلع على هذه المكاشفة من أم الكتاب) فترجم بالحق والصواب، ثم تركته وانصرفت وقد اغترفت من بحره ما اغترفت (ص١٠٤) أ. هـ.