١ - لا نسلم أن قائلي هذه العبارات قد قالوها كما زعموا وهم في حالة هذيان وغيبة عقل، وذلك أن هذه العبارات لها لمعان محدودة، وهي نسيج مؤلف مركب قصد بها صاحبها أن يدل على عقيدة عنده، ولم يقلها كلاماً غير منضبط ككلام السكران والغائب عن الوعي.
٢ - إن هذه العبارات قد تلقاها تلاميذ التصوف بالقبول واعتقدوا ما فيها بل وشرحوا العقيدة التي تشير هذه العبارات إليها في كتب كاملة .. والعقيدة هذه هي أن الأديان جميعاً دين واحد، وأن الخلق جميعاً هم عين الخالق وأنه لا موجود إلا الله!! وأن هذا الخنزير الذي كان يمر به أحدهم فيقول له عم صباحاً!! هم مظهر من مظاهر الخالق -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- ونستغفر الله من كتابة أقوالهم وإعادتها وكذلك هذه الشاة التي ترغي فيقول لها أحدهم لبيك يا سيدي، ما قال ذلك في غلبة السكر، وفي رؤيته للنار أو النعيم، ولا لتذكره لآية من كتاب الله وإنما قال ذلك لأنه سمع ثغاء شاة، أو نباح كلب، ومثل هذه الأصوات لا تخلق في المسلم (حالة) ولا تجعل عنده وجداً يحمله على الغياب عن الوعي حتى يقول مجيباً له "لبيك يا سيدي"!!
وكذلك نقول أيضاً ما الذي يبعثه نداء المؤذن في قلب الصوفي حتى يرد عليه قائلاً .. ضربه وشم الموت!!، هل سماع المؤذن يؤدي إلى حالة وجد وغياب عن الوعي حتى يقول سامع المؤذن: ضربك أيها المؤذن وشم الموت!! وأنا أقول نعم هي حالة حقيقية للزنديق عند سماع المؤذن لأنه لا يريد لصوت الداعي إلى الله أن يعلو .. لأنه يكفر بالإسلام والصلاة ويريد لأصوات الكلاب والخنازير أن يقبلها المسلم بقولهم (لبيك يا سيدي"!! .. إقرأ في كتاب (اللمع) للطوسي قوله "وأخذوا عليه (يعني أبا الحسن النووي) أنه سمع أذان المؤذن فقال: طعنه وشم الموت، وسمع نباح الكلب فقال: لبيك وسعديك". ومثله تماماً ما نقلناه آنفاً عن أبي يزيد أنه اجتاز بمقبرة لليهود: فقال: معذورون. وبمقبرة للمسلمين فقال: مغرورون!! فأي غلبة حال وسكر، وهذيان غلبت على هؤلاء حتى قالوا ما قالوا .. وأليست هذه عقيدة زنديقية واحدة .. ثم ما هذا (المربي) -زعموا- الذي رأى مريده يقتل قملة فقال له: قاتلك الله شفيت غيظك بقتل قملة!! وهذا الشيخ نفسه يمر على الخنزير فيقول له: عم صباحاً!!
وكان يبدأ الكلاب والخنازير بالسلام .. المهم أن هذه العبارات التي يسمونها شطحاً لم تكن شطحاً كما زعموا وقد قالها قائلوها في حالة صحو وليس في حالة سكر، وإنها تنبئ عن عقيدة وليست كلاماً فارغاً من المعنى وهذياناً كما زعموا.