للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فضرب برجله الأرض زماناً وقال: هذا مما يلذ سماعه.

ومنها أن عمر رضي الله عنه كان ربما مر بآية في وردة فتخنقه العبرة ويسقط ويلزم البيت اليوم واليومين حتى يعاد ويحسب مريضاً. ومنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حق أبى موسى: ((لقد أوتي مزماراً من مزأمير آل داود)) (١) ومنها استحسان الرسول شعر النابغة حتى قال له: ((لا يفضض الله فاك)) (٢)، ووضعه أيضاً المنبر لحسان يقول عليه الشعر في هجاء المخالفين للرسول صلى الله عليه وسلم.

ومنها أن بعض الصالحين رأى الخضر وسأله عن السماع الصوفي فقال له: ذلك هو الصفاء الزلال.

ورأى أحدهم الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله عن سماع الصوفية فقال له الرسول: ما أنكره، ولكن قل لهم يفتتحون قبله بقراءة القرآن ويختتمون بعده بالقرآن ..

ومنها أن الخضر تواجد حتى سقط على جبهته وصار الدم يقطر منها ولا يقع على الأرض، حين سمع أبياتاً من الشعر قالها شخص بحضرته، ذكرها السهروردي.

ومن أدلتهم أن بعض الصالحين رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وهو يقول له كلاماً والنبي صلى الله عليه وسلم قد وضع يده على صدره كالمتواجد بذلك.

ثم أورد السهروردي أدلة كثيرة عن بعض الصوفيين في حال تواجدهم؛ بعضهم مشى على الماء، وبعضهم لم يحترق بالنار، وبعضهم يرتفع أذرعاً عن الأرض، إلى أن، ختم السهروردي أدلته – وهي كثيرة بزعمه – بهذه القصة، وهي أن أعرابياً أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لقد لسعت حية الهوى كبدى فلا طبيب لها ولا راقي

إلا الحبيب الذي شغفت به فعنده رقيتي وترياقيفتواجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواجد الأصحاب معه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، ثم قسم رداءه بينهم، حيث مزقه إلى أربعمائة قطعة (٣).

تلك أهم الحجج التي يتمسك بها الصوفيون في مشروعية لهوهم وتواجدهم، فما مدى صحة استدلالهم، وهل ما ذكروه من تلك الروايات كلها صحيحة، أو هل كان فهمهم لها فهماً صحيحاً؟

والجواب عن هذه الاحتجاجات يحتاج إلى دراسة ووقت، ولكن أكتفى هنا بإيجاز الرد عليهم في دفع حججهم وأدلتهم بأنها احتجاجات واهية وتلفيق غير مقبول ومزاعم لا صحة لها:


(١) رواه البخاري (٥٠٤٨) ومسلم (٧٩٣)
(٢) قال الهيثمي في ((المجمع)) (٨/ ١٢٦) رواه البزار وفيه يعلي بن الاشدق وهو ضعيف، وقال البوصيري في الإتحاف (٦/ ٤٧) إسناده ضعيف
(٣) الحديث قال ابن عراق في ((تنزيه الشريعة)) (٢/ ٢٣٣) أورده الحافظ ابن طاهر وهو باطل وقال الحافظ أبو موسى المديني قد عاب غير واحد من أهل العلم ابن طاهر بإيراد هذا الحديث في كتابه وكتب شيخ الإسلام أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي وقد سئل عن هذا الحديث ما ملخصه إن الواقف عليه يظهر له أنه موضوع، وكتب شيخ الإسلام النووي وقد سئل عنه باطل لا تحل روايته ولا نسبته إلى النبي ويعزر من رواه عالما تعزيرا بليغا ولا يغتر بكونه في ((عوارف المعارف)) وغيره مع أن صاحب العوارف قال يتخالج سري أنه غير صحيح ويأبى القلب قبوله (قلت) وقال الحافظ الذهبي رواته ثقات غير عمار بن إسحاق فكأنه واضعه، وقال الفتني في "تذكرته" (١/ ١٩٧) قال ابن تيميةكذب باتفاق أهل العلم بالحديث وما روي فيه موضوع، وقال الألباني موضوع كما في ((الضعيفة)) (٥٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>