"ما قولك في مُحَدِّث، بشر بالفوز والنجاة فقال: رب اجعل لي آية تحقق لي ذلك الخبر الذي جاءني لينقطع الشك والاعتراض. فقال (أي الله): آتيك أن أطوي لك الأرض حتى تبلغ بيتي الحرام في ثلاث خطوات، وأجعل لك البحر كالأرض تمشي عليه كيف شئت وأجعل لك التراب والجو في يديك ذهباً، ففعل هذا هل ينبغي له أن يطمئن إلى هذه البشرى بعد ظهور هذه الآية أولاً" أ. هـ منه بلفظه (ختم الولاية ص٤٠١).
وهذا الكلام من الحكيم الترمذي تلبيس وتدليس كله .. من هذا الذي يخاطبه الله بكلمة بعد محمد صلى الله عليه وسلم؟! ولا نبي بعد رسول الله، ومن هذا الذي يعطيه من هذه الكرامات المزعومة ما لم يعط رسله وأنبياءه .. فإن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ما سار على الماء، ولا طار في الهواء، ولا جعلت له الجبال ذهباً. بل جاع هو وأصحابه وربط الحجر على بطنه أياماً وسار على قدميه في جيوشه حتى تقطعت أقدامهم وما كان لهم إلا الخرق يلفونها به حتى لقد سمو غزوة من غزواتهم بغزوة ذات الرقاع لأنهم مزقوا فيها بعض ملابسهم ليلفوا أرجلهم ولقد كانوا أفضل الناس وأفضل الأمة، أيأتي بعد ذلك هؤلاء البطالون المتأكلون الآكلون أموال الناس بالباطل المعتقدون عقائد الوثنية والشرك ليعطيهم الله الولاية العظمى يمكنهم من الطيران في الهواء، والسير على الماء، وقلب الأحجار فضة وذهباً لا شك أن الذي يزعم شيئا من ذلك قد لبس عليه الشيطان وأدى له بعض الخدمات كأن نقله مرة من مكان إلى مكان بسرعة الشيطان، وسرق له بعض الذهب من مكان وتسمى هذه الأمثلة كرامة رحمانية وما هي إلا حيل شيطانية يلبس بها الشيطان على أوليائه.
ولا غرو أن يدعي الترمذي هذا ما يدعي فأنه قد ذكر على نفسه فيما سماه (بدو شأن الترمذي) أن زوجته قد تنبأت له، وزعمت له أنها رأت في شأنه عشرات من الرؤى منها أنها رأت أن سطح بيتها وكانت نائمة عليه قد هبط إلى الأرض وأنها وجدت داخل بيتها رجلين قاعدين في هيبة وأنهما قالا لها: قولي لزوجك: أنت وتد من أوتاد الأرض تمسك طائفة من الناس!! (بدو شأن الترمذي مطبوع مع ختم الولاية ص٢٥) وأن هذين الرجلين الذين بشراها هما محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام، وزوجته هذه أيضاً تنبأت له بأنها كانت نائمة مع زوجها في فراش واحد وجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فدخل فراشهما معهما!! (بدو شأن الترمذي مطبوع مع ختم الولاية ص٣٨).
ولا يخفى أن أمثال هذه الرؤيا والتنبؤات رؤى شيطانية حتماً فليس هناك شيء يسمى أوتاداً تمسك الأرض لأن الله سبحانه وتعالى يقول: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولا [فاطر:٤١].وإذا كان الله هو الذي يمسك السماوات والأرض فمعنى ذلك أنه ليس في حاجة إلى الترمذي وغيره ليكون وتداً يمسك جانباً من الأرض!! نعم جعل الله الجبال أوتاداً للأرض ولم يجعل الترمذي الذي ينام ليله شاخراً وتداً من أوتاد الأرض وأما الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي)) (١) يستحيل أن يأتي ليدخل في فراش رجل مع زوجته ولم يدخل مع زوجة الترمذي في فراشها وهي مع زوجها إلا الشيطان حتماً الذي يعلم من هم أولياؤه.
واسمع إلى الترمذي يحكي عن خرافات زوجته فيقول:
"ثم رأت رؤيا أخرى وهي بالفارسية وفي آخرها قالت: فانتبهت فوقع عليها حرص الاستماع إلى الموعظة وطلب الحقوق من نفسها. فأول ما ابتدى لها من تحقيق رؤياها أنها كانت في البستان قاعدة وذلك لثلاث بقين من ذي القعدة، بعد أن رأت هذه الرؤيا، بنحو من خمسة أيام (ستة) إذ وقع على قلبها: يا نور كل شيء وهداه أنت الذي فلق الظلمات نوره.