وكذلك هذا الولي سير به (الله تعالى) على طريق محمد صلى الله عليه وسلم، بنبوته، مختوماً بختم الله، فكما كان محمد صلى الله عليه وسلم حجة على الأنبياء فكذلك يصير هذا الولي حجة على الأولياء، أعطيتكم ولايتي فلم تصونوها من مشاركة النفس. وهذا أضعفكم وأقلكم عمراً قد أتى بجميع الولاية صدقاً، فلم يجعل للنفس فيها نصيباً ولا تلبيساً.
وكان ذلك في الغيب من منة الله تعالى على هذا العبد، حيث أعطاه الختم لتقر به عين محمد صلى الله عليه وسلم، في الموقف حتى قعد الشيطان في معزل، وليست النفس فبقيت محجوبة، فيقر له الأولياء يومئذ بالفضل عليهم. فإذا جاءت تلك الأهوال لم يك مقصراً. وجاء محمد صلى الله عليه وسلم بالختم فيكون أماناً لهم من ذلك الهول. وجاء هذا الولي بختمه فيكون أماناً لهم بصدق الولاية، فاحتاج إليه الأولياء .. " أ. هـ
وهكذا يجعل الترمذي لهذا الولي المزعوم ما جعله الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. وصدق الله سبحانه وتعالى في شأن المشركين بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً [المدثر:٥٢].
وهؤلاء الزنادقة يريد كل منهم أن يوحى إليه كما يوحى إلى الرسول، بل لم يتركوا فضلاً مما فضل الله به عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم إلا انتحلوه لأنفسهم بل زادوا عليه، واحتقروا منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المنازل التي يزعمون أن الله قد بلغهم إياها.
لقد وضع الترمذي المسمى بالحكيم في الكتاب (ختم الولاية) بذور الشر الكبرى في الفكر الصوفي، وكل الذين جاؤوا بعده إنما هم عيال عليه وتبع له في كل هذا الباطل الذي بثه في كتابه، وخاصة في مسألة ختم الولاية فلم يأت متصوف بعد الترمذي هذا من مشهوري المتصوفة إلا وادعى ختم الولاية لنفسه. وها أنذا أسوق بعضاً من ذلك.
المصدر:الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق - ص٢٤٩ - ٢٥٣