للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليس مخلوقاً من نور كما زعموا بل من يقول هذا يجعل الرسول جزءاً من الله وهذا كفر كما قال الله للمشركين: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ [الزخرف:١٥].فمن قال إن الرسول خلق من نور الله فهو كافر، ومن قال أيضاً خلق من نور عرش الله فهو كافر متقول على الله ما لم يقل، متقول على رسول الله ما لم يقله. وأما الحديث الموضوع المكذوب على رسول الله والذي فيه أن جابراً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أول خلق الله؟ فقال: نور نبيك يا جابر (١)، فهو حديث موضوع باتفاق أئمة الحديث جميعاً على وضعه وأنه كذب محض مخالف لما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر أن ((أول شيء خلقه الله سبحانه وتعالى هو القلم فقال له اكتب. قال وما أكتب؟ قال اكتب ما كان وما يكون إلى يوم القيامة)) (٢). (متفق عليه)، وأما قوله الأولياء قد خلقوا من نور الختم!! يعني محمد عثمان الميرغني فهذا ليس كذباً فقط ولكنه كذب وصفاقة وسخافة تضحك العقلاء، فما النور الذي كان مع محمد عثمان حتى يخلق الله منه جميع الأولياء!! ومتى كان الأولياء قد خلقوا من نور، والملائكة هم الذين خلقهم الله من النور!! وأما الأولياء والأنبياء فبشر كالبشر فضلهم الله بعبادته وطاعته والإيمان به. وأما الإدعاء بأن الرسول قد أمر رضوان أن يبني لمحمد عثمان وأتباعه وذريته وأهل بيته .. الخ، هذه السخافات فشيء لم يدعيه الرسول لنفسه فضلاً عن أن يجعلها لرجل كان أهم ما امتاز به هو أن مهد الطريق للاستعمار الإنجليزي في السودان، واستطاع أن يأكل أموال الناس بالباطل بما لا مثيل له فقد استحوذ على أموال البسطاء والمساكين والفقراء .. وأن يتزوج مئات النساء وينجب عشرات الأطفال!! وأما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر مالكاً خازن النار أن يعمر مساكن لأعداء محمد عثمان إلى يوم القيامة .. هكذا .. فالنبي لا يأمر ملائكة الله من عند نفسه بل قال له سبحانه: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران:١٢٨]!! فلا يتصرف في الكون كما يزعمون، بل الرسول عبد كامل العبودية لربه سبحانه وتعالى يتصرف بأمر مولاه وهو أجل وأعظم صلى الله عليه وسلم أن يأتي لرجل في المنام ويعطيه الجنة كما يشاء له ولذريته وأتباعه، ويعطي النار لأعدائه .. هكذا .. وأين الله سبحانه وتعالى أن يتصرف مخلوق في ملكه كما يشاء المخلوق .. ودون الرجوع إلى الخالق سبحانه وتعالى. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وحاشا الرسول صلى الله عليه وسلم ما يفتريه عليه المفترون .. وهؤلاء يصدق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم ((من أرى عينيه ما لم تراءيا أمر يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وليس بفاعل)) (٣).

أي أن من قال: رأيت في النوم كذا وكذا وليس بذلك فهذا قد رأى في عينه ما لم ترءيا، وإن كان رأى حقاً فإنما ذلك من الشيطان حتماً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأت بعد مماته بما يخلف شريعته في حياته صلى الله عليه وسلم.

المصدر:الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق - ص٢٦٠ - ٢٦٣


(١) أورده العجلوني في ((كشف الخفاء)) (٨٢٧) وعزاه إلى مصنف عبد الرزاق وليس الحديث في المصنف وزعم بعضهم أنه في القطعة المفقودة من المصنف وأنه وجدها وتبين كذبه وافتراؤه بما ليس هنا موضع بيانه، وعزاه أيضا اللكنوي في كتابه ((الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة)) (١/ ٤٢) للمصنف أيضا وذكر أيضا أن الحديث ذكره القسطلاني في ((المواهب اللدنية))، وقال السيوطي في ((الحاوي في الفتاوى)) (١ - ٤٧٩) " ليس له إسناد يعتمد عليه"
(٢) لم نجده بهذا اللفظ، والحديث بلفظ مقارب رواه أبو داود (٤٧٠٠) والترمذي (٣٣١٩) وأحمد (٥/ ٣١٧) (٢٢٧٥٧) والحاكم (٢/ ٥٤٠) (٣٨٤٠) قال الترمذي حسن غريب، وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وقال الهيثمي في ((المجمع)) (٦/ ١٩٠) رجاله ثقات وصححه الألباني
(٣) لم نجده بهذا اللفظ، ورواه البخاري (٧٠٤٢) بلفظ (من تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين)

<<  <  ج: ص:  >  >>