للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وسمعت من غير الشيخ رضي الله عنه أن بعض الأكابر كان له عدة أصحاب وكان لا يتخيل النجابة إلا من واحد منهم فأراد أن يختبرهم ففروا بجملتهم سوى ذلك الواحد وذلك أنه تركهم على باب خلوته فأظهر لهم صورة امرأة فدخلت الخلوة فقام الشيخ فدخل معها فأيقنوا أن الشيخ اشتغل معها بالفاحشة فتفرقوا كلهم وخسرت نيتهم إلا ذلك الواحد فإنه ذهب وأتى بالماء وجعل يسخنه يقصد أن يغتسل به الشيخ فخرج عليه الشيخ فقال: ما الذي تفعل؟ فقال: رأيت المرأة دخلت فقلت لعلك بحاجة إلى غسل فسخنت لك الماء. فقال له الشيخ: وتتبعني بعد أن رأيتني على المعصية. فقال: ولم لا أتبعك والمعصية لا تستحيل عليك، وإنما تستحيل في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولم أخالطك على أنك نبي لا تعصي وإنما خالطتك على أنك بشر وأنك أعرف مني بالطريق ومعرفتك بالطريق باقية فيك والوصف الذي عرفتك عليه لم يزل فلم تتبدل لي نية ولا يتحرك لي خاطر. فقال له الشيخ: يا ولدي تلك الدنيا تصورت بصورة امرأة وأنا فعلت ذلك عمداً لينقطع عني أولئك القوم. فادخل يا ولدي وفقك الله معي إلى الخلوة فهل ترى امرأة فيها فدخل فلم يجد امرأة فازداد محبة على محبته والله الموفق" (الإبريز ص١٨٨) أ. هـ.

وهذه الحكاية تزيد على أن المريد الذي رأى شيخه يخرج من خلوة مع زانية معلومة مشهورة قام فسخن له الماء .. أليس هذا إلغاء تاماً للعقول، وغسلاً للأمخاخ من أي فكر أو حمية أو غيرة دينية أو عاطفية صادقة.

واقرأ أيضاً هذه الحكاية لترى العجب العجاب .. كان المريد يرى شيخه على الزنا، ويصلي وهو جنب من زنا والماء بجواره، ثم يشرب الخمر وكل هذا لم يحرك شيئا في المريد الصادق .. قال صاحب (الإبريز):

"وسمعته (رضي الله عنه) يقول: كان لبعض العارفين بالله عز وجل مريد صادق وكان هو وارث سره فأشهده الله تعالى من شيخه أموراً كثيرة منكرة ومع ذلك لم يتحرك له وساوس فلما مات شيخه وفتح الله عليه شاهد تلك الأمور وعلم أن الصواب مع الشيخ فيها، وليس فيها ما ينكره شرعاً إلا أنها اشتبهت عليه، في ذلك أن امرأة كانت من جيران الشيخ وكانت تذكر بالسوء اشتبهت بين باب الدار وبين البيوت وكان المريد لا يبلغ إليه وإنما يقف بالباب فاتفق أن دخلت المرأة المشهورة بالسوء على المريد وهو بالباب فجازت للدار واتفق أن خرجت امرأة الشيخ الشبيهة بها فدخلت على الشيخ الخلوة وكان الشيخ أرسل إليها ليقضي حاجته منها فدخلت وقام إليها الشيخ ومرت الشبيهة بها نحو البيوت فرمى المريد ببصره إلى الخلوة فرأى المرأة مع الشيخ وهو يقضي حاجته منها فما شك أنها المشهورة بالسوء، وربط الله على قلبه فلم يستفزه الشيطان ثم خرجت المرأة وحانت الصلاة فخرج الشيخ للصلاة وتيمم وكان به مرض منعه من الاغتسال فما شك المريد أن الشيخ قد تيمم من غير ضرورة وربط الله على قلب المريد وكان بالشيخ مرض منعه من هضم الطعام فصنعوا له ماء الفلنيص عصروه وأتوا له بمائه ليشربه فدخل المريد فوجده يشربه فما شك أنه ماء خمر وربط الله على قلبه فلم يتحرك عليه وسواس فلما فتح الله عليه علم أن المرأة التي وطئها الشيخ امرأته لا المرأة المشهورة بالسوء وعلم أن التيمم الذي فعله الشيخ لضرر كان بجسده وعلم أن الماء الذي شربه الشيخ ماء فلنيص لا ماء خمر والله الموفق" (الإبريز ص١٧٨) أ. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>