الرابع: خلاف علي مع الخوارج وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر النبي صلى الله عليه وسلم لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقنت تلك الدماء، فقلت الجواب هو ما سمعت، فقال لي: احفظ هذا وفكر فيه، فإني أرجو أنك بعد التفكير ترجع إلى الحق.
الخامس: النزاع الذي وقع بين معاوية وعلي، وقد قتل في الحرب التي وقعت بينهما خلق كثير، منهم عمار بن ياسر، فكيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم الظهور لأفضل الناس بعده وفي ظهوره هذه المصالح المهمة من جمع كلمة المسلمين وإصلاح ذات بينهم وحقن دمائهم، وهو خير المصلحين بقوله تعالى: وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ [الأنفال:١] وقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:١٠] ثم يظهر للشيخ التيجاني في آخر الزمان لغرض غير مهم وهو في نفسه غير معقول لأنه مضاد لنصوص الكتاب والسنة.
فلم يجد عندي جواباً غير ما تقدم ولكني لم أسلم له فقال فكر في هذه الأدلة وسنتباحث في المجلس الآخر، فعقدنا بعد هذا المجلس سبعة مجالس كل منها كان يستمر من بعد صلاة المغرب إلى ما بعد العشاء بكثير. وحينئذ أيقنت أنني كنت ضلال، ولكن أردت أن ازداد يقيناً فقلت له (من معك من العلماء هنا في المغرب على هذه العقيدة وهي أن مسألة في العقائد أو في الفروع يجب أن نعرضها مع قصر باعنا وقلة اطلاعنا على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ظهر لنا أنه موافق لهما قبلناه وما ظهر لنا أنه مخالف رددناه) فقال لي يوافقني على هذا أكبر مقدم للطريقة التجانية في المغرب كله وهو الشيخ الفاطمي الشرادي، فكدت أكذبه لأن المشهور في جميع أنحاء المغرب أن هذا الرجل من كبار العلماء، وهو أكبر مقدم للطريقة التجانية، ولم أقل أكبر شيخ لأن الشيخ التيجاني لا يبيح أن يكون شيخاً للطريقة سواه، لأن تلقيبه بالشيخ قد يفهم منه أنه يجوز لغيره أن يتصرف في أوراد الطريقة وفضائلها وعقائدها وذلك ممنوع لأن الذي أعطى هذه الطريقة هو النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً كما تقدم والمتلقي الأول لها هو الشيخ أحمد التيجاني والنبي صلى الله عليه وسلم سماه شيخاً لهذه الطريقة، وكل ناشر للطريقة وملقن لأورادها يسمى مقدماً فقط فالطريقة لها مصدر واحد وشيخ واحد ولا يجوز تعدد المصدر ولا تعدد الشيخ حسبما في كتب الطريقة.
المصدر:الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق - ص ٤٣٨ - ٤٥٤