للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السلمي في مقدمة طبقاته: (واتبع (الله) الأنبياء عليهم السلام بالأولياء، يخلفونهم في سننهم، ويحملون أمتهم على طريقتهم وسمتهم، فلم يخل وقتا من الأوقات من داع إليه بحق أو دال عليه ببيان وبرهان. وجعلهم طبقات في كل زمان، فالوليّ يخلف الوليّ ... فعلم صلى الله عليه وسلم أن آخر أمته لا يخلو من أولياء وبدلاء، يبيّنون لأمته ظواهر شرائعه وبواطن حقائقه (١).

وقال ابن عربي: (لا يخلو زمان عن كامل (٢).

وقال أحد أتباعه البارين علاء الدولة السمناني: (ولا بدّ في كل حين من مرشد يرشد الخلق إلى الحق، خلافة عن النبي المحق، ولابدّ للمرشد من التأييد الإلهي، ليمكن له تسخير المسترشدين، وإفادة المستفيدين، وتعليم المتعلمين ... وهو العالم، الوليّ، الشيخ. وإلى هذا أشار النبي عليه السلام حيث قال: الشيخ في قومه كالنبي في أمته ... ولا يكون قطب الإرشاد في كل زمان من الأزمان إلا واحد يكون قلبه على قلب المصطفى صاحب الوراثة الكاملة (٣).

وقال صاحب (الجمهرة): (قد صحت الروايات والنصوص المؤكدة الثابتة بالكتاب والسنة على أن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة، ومن عارف بالحقيقة الكامنة خلف الظواهر، ومن مميّز بين اللباب والقشور، وعابد لله على الوجه الصحيح، وسائر إلى الله على بصيرة صريحة، وعقيدة وضاءة إلى أن تقوم الساعة (٤).

ونقل عن قطب الدين القسطلاني في كتاب له في التصوف: (أن الله بحكمته ونعمته أقام في كل عصر من جعل له لسانا معبرا عن عوارف المعارف الإلهية، مخبرا عن لطائف العواطف الربانية، يصل الله به ما أنقطع من علوم الأنبياء ومعارف الأولياء (٥).

وقال لسان الدين بن الخطيب: (ولا بدّ عندهم أن يكون في العالم شخص واصل إليه في كل زمان، وهو الخليفة المتلقي عن الله أسرار الموجودات، أما ظاهرا فنبيّ ورسول أو باطنا فقطب (٦).

وقال الشعراني نقلا عن عليّ الخواص أنه قال: (من نعم الله تعالى على عباده كونه تعالى لا يخلي الأرض من قائم له بحجة في دينه، رضية لولايته، واختاره لمعاملته، يبين به دلالاته، يوضح به طرقاته، فطوبى لمن كان كذلك في هذا الزمان (٧).

وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه بعد ذكر كلام الصوفية في هذا الخصوص: (وهذا من جنس دعوى الرافضة أنه لابدّ في كل زمان من إمام معصوم يكون حجة الله على المكلفين، لا يتم الإيمان إلا به (٨).

المصدر:التصوف المنشأ والمصادر لإحسان إلهي ظهير


(١) كتاب ((طبقات الصوفية))، المقدمة للسلمي (ص ٧).
(٢) ((عقلة المستوفز)) لابن عربي ص ٩٧ ط ليدن.
(٣) كتاب ((العروة)) للسمناني مخطوط ورقة رقم ٨٨ ب المنقول من كتاب ((ختم الأولياء)) ص ٤٨٩ ط بيروت.
(٤) ((جمهرة الأولياء)) (١/ ٧).
(٥) أيضا (١/ ٩٤).
(٦) ((روضة التعريف)) للسان الدين بن الخطيب (ص ٥٨٠).
(٧) ((الأخلاق المتبولية)) للشعراني (٢/ ١١٦، ١١٧).
(٨) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١١/ ٤٣٩) ط ١٣٩٨ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>