كما عرض شيخ الإسلام لمسألة أخرى متعلقة بذلك وهي مسألة الحروف عموما في كلام الله وكلام غيره – هل يقال إن الحروف مخلوقة لأنها من كلام الآدميين، أو يقال: إنها ليست مخلوقة لأنها من كلام الله، كل قول من هذين قال به طوائف. والصواب في ذلك أن يقال ما قاله الأئمة كأحمد وغيره:"إن كلام الإنسان كله مخلوق حروفه ومعانيه، والقرآن غير مخلوق حروفه ومعانيه"(١).
والخلاصة أن مذهب الأشاعرة في القرآن العربي موافق لأقوال اللفظية الذين يقولون ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، وهؤلاء عدهم أئمة السنة من الجهمية.
هذه أهم مباحث "كلام الله" عند الأشاعرة، ومن ذلك يتبين أن الأشاعرة وإن أثبتوا صفة الكلام بإجمال، إلا أنهم ضلوا فيه وخالفوا الكتاب والسنة وأقوال السلف – في أمور أهمها:
١ - قولهم بالكلام النفسي، وأنه لازم لذات الله تعالى.
٢ - قولهم بأن كلام الله قديم وأن الله لا يتكلم إذا شاء متى شاء، وأن موسى لم يسمع كلام الله – وقت تكليمه – وإنما سمع الكلام الأزلي، أو أن الله خلق له الإدراك.
٣ - قولهم بأن كلام الله معنى واحد، لا يتجزأ ولا يتبعض، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرية كان توراة، وأن الخبر والأمر والنهي شيء واحد.
٤ - قولهم بأن القرآن العربي مخلوق، وما في هذا من موافقة للمعتزلة، واللفظية وغيرهم من الجهمية.
ولا شك أن هذه المسائل المتعلقة بكلام الله عظيمة جدا، ومذهب الأشاعرة فيها كان ضلالا وانحرافا واضحا عن مذهب السلف والأئمة.
المصدر:موقف ابن تيمية من الأشاعرة لعبد الرحمن المحمود – ٣/ ١٣٠٥
(١) ((الكيلانية – مجموع الفتاوى –)) (١٢/ ٤٥٠)، وانظر ((– مناظرة حول الواسطية – مجموع الفتاوى)) (٣/ ١٧٣)، و ((مسألة الأحرف – مجموع الفتاوى)) (١٢/ ٣٧ - ١١٦)، و ((الكيلانية – مجموع الفتاوى –)) (١٢/ ٤١٣ - ٤١٤، ٤٤١ - ٤٥٣)، و ((مجموع الفتاوى)) (١٢/ ٥٧١ - ٥٧٣).