للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- نكتفي بهذه النصوص، وهي كافية للدلالة على أن الصوفية هي السحر.

ولا بأس من توضيح الطريقة التي يتبعها المريد ليكون من السحرة، وقبل ذلك نقول للقارئ: اتق الله واعلم (أنها فتنة فلا تكفر) ولا تسر في هذا الطريق تحت أي عذر، كان ما كان هذا العذر؛ لأنها طريق إلى الهاوية. وهذه هي الطريقة:

وصحبة شيخ وهي أصل طريقهم فما نبتت أرض بغير فلاحة

فالشيخ الساحر الكامل ضروري، فهو الذي يوجه مريده حسب خبراته وتجاربه السابقة.

والطريقة هي نفس الطريق الإشراقية، خلوة وجوع وسهر وصمت وجلسة من جلسات اليوغا وتركيز الذهن على الأمر المراد تحقيقه مع تركيز البصر على شيء يختاره الشيخ.

يبقى المريد مثابراً على هذه الرياضة مدة قد تقصر وقد تطول، حسب مهارة الشيخ واستعداد المريد، حتى يتحقق الأمر المراد تحقيقه، فيستريح المريد مدة يقررها الشيخ، وهي لا تزيد على أيام على كل حال، ثم يعيد الكرة حتى يتحقق نفس الأمر ثانية، ثم يعيد ... وهكذا حتى يصل إلى أن يتحقق هذا الأمر له بسهولة كبيرة، وهذه الرياضة صالحة لبعض الخوارق، وخاصة منها ما يتصل بالتأثير على نفوس الآخرين، أو بالاتصال عن بعد (التلباثي).

أما الطريقة الجامعة فهي الخلوة والجوع والسهر وترديد عبارة معينة خاصة بخرق معين يعرفها الشيخ ويلقنها لمريده، وقد يضاف إليها البخور لتسريع الوصول، وهذه الطريقة يستعملها السحرة المسلمون.

يثابر المريد على هذه الرياضة التي قد تقصر وقد تطول، حتى يحصل خرق العادة المطلوب، فيستريح أياماً، حسب توجيه الشيخ، ثم يعاود الكرة حتى يحصل الخرق من جديد، ثم يعاود، وهكذا حتى يصبح الحال عنده مقاماً، حيث يحصل الخرق أمامه بترديد العبارة المعينة (الطلسم) مرات قليلة، وعندئذ يكون قد أتقن عملية سحرية واحدة.

ثم يلقنه الشيخ طلسماً آخر خاصاً بخرق عادة آخر، فيعود إلى الرياضة من جديد بهذا الطلسم الجديد كما فعل في رياضة الخرق الأول، حتى يصبح الخرق الثاني له مقاماً، فيكون قد أتقن عمليتين سحريتين، وهكذا ..

ويتفاضل السحرة بينهم بعدد العمليات السحرية التي يتقنها كل واحد منهم، ومن يريد الوصول إلى الجذبة منهم ثابر على طلسم واحد لا يغيره ولا يستريح حتى يصل إليها.

وقد يمكن الاستغناء عن الشيخ لأفراد نادرين عندهم استعداد نفسي، أو فيزيولوجي أو تشريحي خاص، كما يمكن الاستغناء عن الخلوة والجوع والسهر لأفراد مماثلين.

أي: إن السحر هو نفس الصوفية بطريقته ونتائجه، والفرق بينهما هو في الادعاء والتوجه. ثم يأتي بعد ذلك دور الطلاسم والأقسام التي يسميها المتصوفة (الأوراد والأذكار) وهي وإن اختلفت ألفاظها لكن النتيجة واحدة، وكذلك بقية الأبواب.

المصدر:الكشف عن حقيقة الصوفية لمحمود عبد الرؤوف القاسم - ص ٨٥٩ - ٨٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>