للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصواب أنها حقيقة فيهما، ولا معنى لهذا القول إلا بإثبات المعنى المشترك في كل اسم أو صفة، ثم إن وجود الخالق يخصه ووجود المخلوق يخصه، وهكذا بقية الصفات، وكل من قال بالمشتري اللفظي فقد جانب قول أهل الحق، ولزمه أن يقول بواحد من تلك الأقوال الفاسدة.٢ - أن كل موجودين فلابد بينهما من قدر مشترك وقدر مميز، وهذه مسألة التشبيه والتمثيل، وقد سبق تفصيل القول فيها، مع بيان اعتراف الأشاعرة، بل وتقريرهم أن، إثبات الصفات لله كالوجود والسمع والبصر والحياة وغيرها، لا يقتضي أن يكون الله مشابها لخلقه (١).٣ - أن هؤلاء الذين يقولون بالمشترك اللفظي متناقضون، لأنهم مع قولهم إن الوجود مقول بالاشتراك اللفظي إلا أنهم يجعلونه "ينقسم إلى واجب وممكن، أو قديم ومحدث، كما تنقسم سائر الأسماء العامة الكلية لا كما تنقسم الألفاظ المشتركة كلفظ سهيل المقول على "سهيل" الكوكب، وعلى سهيل بن عمرو، فإن تلك لا يقال فيها: إن هذا ينقسم إلى كذا وكذا، ولكن يقال: إن هذا اللفظ يطلق على هذا المعنى، وعلى هذا المعنى، وهذا أمر لغوي لا تقسيم عقلي، وهناك (أي في المتواطئ) تقسيم عقلي: تقسيم المعنى الذي هو مدلول اللفظ العام، ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام" (٢). وتناقضهم في هذا واضح جدا لأن التقسيم لا يكون في الألفاظ المشتركة إن لم يكن المعنى مشتركا (٣).٤ - أنه لو لم تكن هذه الأسماء متواطئة لأدى ذلك إلى عدم فهم المعاني المرادة في كل سياق، لأنه إذا قيل: إنها من باب المشترك اللفظي، كان ورود هذا الاسم في موضع له معنى. فإذا ورد في موضع آخر وأراد به المعنى الآخر – الذي يختلف عن الأول تماما – فإنه لا يفهم ذلك المعنى إلا بدليل يدل عليه (٤)، فإذا قيل المخلوق موجود، ثم قيل والله تعالى موجود، فالقول أن الوجود مقول بالاشتراك اللفظي يقتضي أن معنى الوجود في العبارة الثانية له معنى آخر بعيد عن مدلول اللفظ الأول، ولابد من دليل يدل على المعنى المقصود منه، وهذا لو طبق يؤدى إلى تخبط عجيب في فهم مدلول الألفاظ والعبارات.

٥ - أن القول بالاشتراك اللفظي يؤدي إلى موافقة الملاحدة والقرامطة، "فإنهم إذا جعلوا أسماء الله تعالى كالحي والعليم والقدير والموجود ونحو ذلك مشتركة اشتراكا لفظيا، لم يفهم منها شيء إذا سمي بها الله، إلا أن يعرف ما هو ذلك المعنى الذي يدل عليه إذا سمي بها الله، لا سيما إذا كان المعنى المفهوم منها عند الإطلاق ليس هو المراد إذا سمي بها الله.


(١) انظر: ((مبحث توحيد الألوهية والربوبية)) (ص: ٩٤٨ - ٩٥٦).
(٢) ((منهاج السنة)) (٢/ ٥٨٦) – ط جامعة الإمام -، وانظر: ((شرح حديث النزول – مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣٢٢).
(٣) انظر: ((درء التعارض)) (٥/ ٣٢٥).
(٤) انظر: ((درء التعارض)) (٥/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>