للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتصف الدكتورة نجلاء عز الدين مؤلفة كتاب: (الدروز في التاريخ) الحاكم بقولها: ... فالحاكم كغيره من الصوفية، خبر المعراج الروحي فغاب بشهوده عن وجوده ... يتكلم وكأن الله هو المتكلم، فيقول: وكما سما أناس بحبنا إلى الفناء في ذاتنا، فلولا المحبة لما فنوا ولما وصلوا إلى طريق الارتقاء إلى العالم الأقدس (١) لو رجعنا إلى فصل لا طريقة بدون شيخ، لرأينا التشابه التام بين هذا القول وأقوال مشايخ الصوفية).وجاء في الرسالة الثالثة عشر من رسائل الحكمة (كتاب الدروز): إن المولى سبحانه لا يدخل تحت الأسماء والصفات واللغات ... هو الموجود في الحقيقة ولا غيره موجود (٢). (هذا نفس قول الصوفية).وتقول المؤلفة أيضاً (وهي درزية): إن مذهب الدروز مسلك صوفي عرفاني ... فالسالك بعد أن يكون قد ارتاض بالعمل بموجب ظاهر الشريعة وباطنها يصل إلى مرحلة يصبح عندها مهيأً لتقبل الحقيقة دون حاجة إلى شعائر ووسائط ... إن ما هو أهم من ظاهر العبادات معناها الحقيقي، وهو الرياضة الروحية ... فتصبح النفس مهيأة للمثول أمام خالقها، فتبلغ بنعمة المولى ولطفه مرتبة المشاهدة (٣) ... وفي ترجمتها للأمير السيد جمال الدين عبد الله التنوخي، وهو يلي الحدود الخمسة في المقام (ت:٨٨٤ هـ/ ١٤٧٩ م)، تقول: ... فهو (أي: عبد الله التنوخي) ينبوع الخيرات ومعدن البركات ... العارف بالله الرباني ... سرعان ما انتشرت شهرته كولي من أولياء الله الصالحين (٤) ... وتقول: إن كتابات السيد مفعمة بروح صوفية، فقد اتبع خطا الصوفية في الوصول إلى معرفة الله (٥) ... ومما تورده من أقواله: ... فمتى قهرت النفس الشهوات أصبحت خاضعة لله، مراقبة لباريها، سائرة إلى معرفته، فيمن عليها الصفاء والإشراق (٦) ... وفي كتاب إلى عبد القادر ريان، أحد المريدين، يقول السيد: وقاعدة السعادة في الدين والدنيا أن يستشعر العبد حضور خالقه في سره وطويته وظاهره وباطنه ... وتأتي المشاهدة بعد الانصراف عن كل ما هو سوى الله (٧) .. اهـ.

النتيجة:

الصوفية وراء الدرزية، وفي الحقيقة، الدرزية الآن هي الإشراق ذاته غير ممزوج بشيء (الخلوة والرياضة حتى الوصول إلى الإشراق)، والنصوص القليلة السابقة واضحة في هذا المدلول، وهم يسمون أنفسهم (الموحدين)، ويسمون مذهبهم (مسلك التوحيد)، ويعنون بذلك نفس المعنى الصوفي، أي: وحدة الوجود. والواصلون منهم يسمون (أعرافاً)، مفردها (عَرْف)، وهو اشتقاق من (العارف)، مع العلم أن هذا (أعراف)، قلما يستعملونه الآن، ويستعملون بدله كلمة (أجاويد)، مفردها (جويِّد).

وهناك دلائل تشير إلى أن الدروز كانوا يقيمون الشعائر الإسلامية حتى زمان متأخر.

البكطاشية:-

طريقة صوفية في الأصل، وحتى الآن يعتبرها أتباعها طريقة صوفية، رغم أنها صارت مذهباً -بل ديناً- شاذاً عن الإسلام، وقد لا يمضي وقت طويل حتى ينسى أتباعها أنهم أتباع طريقة صوفية، ويرون أنفسهم أهل مذهب خاص.

وهذه بعض معالمها كما يذكرها أحمد حامد الصراف (بغدادي) في كتابه (الشبك).

١ - البكطاشية طريقة صوفية لا يتيسر الانخراط في سلكها إلا بعد مضي مدة التجربة، وهي ألف يوم ويوم.

٢ - البكطاشية تتهاون بأداء الفرائض كالصوم والصلاة والحج والزكاة والجهاد.

٣ - البكطاشي لا يتحرج في شرب الخمرة، فالخمرة شربها مباح.


(١) ((الدروز في التاريخ)) (ص:١٢٩).
(٢) ((الدروز في التاريخ)) (ص:١٤٠).
(٣) ((الدروز في التاريخ)) (ص:١٤٨و ١٤٩).
(٤) ((الدروز في التاريخ)) (ص:٢٢٩).
(٥) ((الدروز في التاريخ)) (ص:٢٣٦).
(٦) ((الدروز في التاريخ)) (ص:٢٣٦).
(٧) ((الدروز في التاريخ)) (ص:٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>