للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا غلو وادعاء أنه كان يمكن أن تكون بعض آياته على خلاف ما هي عليه الآن لو كان الرفاعي في عهد النبوة. ثم ليس الرفاعي أعز عند الله من أبي بكر وعمر اللذين كانا أحب الناس إليه وإلى نبيه صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يرد ذكرهما في قرآنه!.وقد وصفوا تاج الدين الرفاعي أنه «غياث الملهوفين» (١) والشيخ عبد الرحيم بن علي الرفاعي أنه «غوث الثقلين» (٢) يعني أن الجن والإنس تستغيث به عند الشدائد والكربات.

ولقد شجب الرواس فكرة الغلو هذه التي اتسم بها الكثيرون من أهل التصوف واعتبرها من طباع أهل الشرك. قال: «وبويعت في الحضرة على عدم النظر إلى الآباء والأجداد، فإن المفاخرة بهم من طباع أهل الشرك، والغلو بهم من بقايا نخوة الجاهلية». (٣)

غير أنه قال كلمة حق في كتاب مليء بالباطل وهو (بوارق الحقائق) الذي يحكي فيه قصة طوافه بأهل البيت والمنتظر «الحجة» وخروجهم من قبورهم لاستقباله في كل زيارة وكل مناسبة.

ثم إن آل الصيادي - والرواس منهم - يعتبرون السلالة التي غلت في الطريقة وفي الرفاعي ما لم يفعل غيرهم لا سيما محمد بن حسن وادي الصيادي الملقب بـ «أبي الهدى» الذي نقلت من كلامه أكثر انحرافات الرفاعية وغلوهم. ويأتي الشيخ بهاء الدين ابن عم الرواس بأبيات يمتدح فيها آباءه وأجداده، ويدعو المحتاجين والمضطرين إلى الاستغاثة بهم فيقول فيما ينقله الصيادي عنه (٤):

إشاراتنا فوق الرؤوس تخفق ... وأعلامنا تحت المعالي تصفق

ومن نال من أنفاسنا هام قلبه ... وأثوابه شوقا ووجدا يمزق

ونحن بنو الغوث الرفاعي أحمد ... كمالاته والسر فينا محقق

ومن أمنا لم يخش ضيما ولا عنا ... وأيدي البلايا نحوه لا تطرق

لنا مدد في سائر الأرض قد سرى ... ونحن شموس في سما الكون نشرق

بل يقول الصيادي نفسه (٥)

الأحمديون للإسلام أركان ... وفوا العهود وأشعاث الحمى صانوا

بهم أشد على الأخطار مقتحما ... لا السم سم ولا النيران نيران

بهم تفرج عن ذي النون غمته ... وفاز نوح ولم يمسه طوفان

عش طيب الأمن يا من يستجير بهم ... فما عليك لصرف الدهر عدوان

ذاك الكبير أبو العباس أحمدهم ... له على ملكوت الله إيوان

هذا أبو العلمين الفرد حجتنا ... في يوم لا يعرف الخلان خلان

غوث الخلائق من ينبوع منهجه ... تفيض في الكون أسرار وعرفان

يحمي الضعيف إذا ما سن شفرته ... دهرا وأرضى الرزايا وهو غضبان

أجار حتى الثريا في مناعتها ... تود لو أنها قوم وجيران

ومن صور الرفاعية في مشايخهم اعتقادهم أن البركة تحصل بمجرد ذكر أسماء مشايخهم ولذلك أمروا أتباعهم عند ذكر أسمائهم أن يمسحوا بأيديهم على وجوههم. وصرح الرفاعي أن الشيخ منصور كان يأخذ التوبة على الناس حتى الطفل الذي في المهد وحتى الأجنة في البطون (٦) ثم قال: «إذا ذكرتم الشيخ منصور فأمروا أيديكم على وجوهكم ينورها الله تعالى ببركته». (٧) ونقل عن أحد مشايخ الرفاعية أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وكلما ذكر أمامه أبو الوفا قال صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم ما أقول فيمن أباهي الأمم به يوم القيامة. قال الوتري: «ولذلك كان مشايخ الرفاعية إذا ذكروا أبا الوفا يسمون الله تعالى ثم يأتون بذكره». وكانوا يقولون: «عجبنا لمن يذكر اسم السيد أبي الوفا ولم يسم الله ويمس بيده على وجهه كيف لم يسقط لحم وجهه لهيبته». (٨)


(١) ((روضة الناظرين)) (ص٦٤).
(٢) ((روضة الناظرين)) (ص ٩٥).
(٣) ((بوارق الحقائق)) (ص ٢٧٢).
(٤) ((تنوير الأبصار)) (ص١٣٤).
(٥) ((الكنز المطلسم)) (٨٥ - ٨٧).
(٦) من الظواهر المخالفة للشرع عند الرفاعية أن توبة التائب تتم عن طريق الشيخ، فيذكر الصيادي دائما مجيء رجال يأتون الرفاعي ويقولون «خذ علينا العهد وتوبنا» (((قلادة الجواهر)) (٥٧، ٧٦، ٨٧، ٨٨، ٨٩، ٩٥). بينما التوبة في الإسلام الواسطة فيها بين العبد وربه. وإنما هذه الواسطة شبيهة بواسطة القديس عند النصارى الذين يذهبون إليه ليعترفوا بخطاياهم ويأخذون العهد على يديه أن لا يعودوا إليها.
(٧) ((الفجر المنير)) (ص٧٥)، ((قلادة الجواهر)) (١٨١ – ١٨٢)، ((روضة الناظرين)) (ص٢٠).
(٨) ((ترياق المحبين)) (ص٤٢)، ((روضة الناظرين)) (ص٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>