للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: «وهذه دناءة وقلة عقل وعدم إخلاص من الفاروثي».وذكر أنه خرج مرة في جمع من الناس ليستسقي لهم فلم يسقوا، واستسقى لهم ثانية فلم يسقوا، ثم سقوا بعد ذلك من غير دعائه. (١) ثم إن الصيادي نقض ما قاله عن عز الدين الفاروثي، فزعم في موضع آخر أن إسلام هولاكو ورجوعه عن الكفر والزندقة كان على يد الشيخين «بندي ويعقوب» اللذين دخلا النار أمامه وشربا النحاس المذاب والسم. (٢)

والقولان على تناقضهما يردهما المؤرخون الذين أكدوا موت هولاكو كافرا مصابا بالصرع. وأنه مات على ملة الكفر. قال الذهبي: «ومات طاغية المغول» هولاكو بن تولى بن جنكيز خان الذي أباد الأمم ببغداد وحلب .. مات على دينه بعلة الصرع. (٣) وقال ابن كثير: «وجاءت الأخبار بأن هولاكو هلك إلى لعنة الله وغضبه بمرض الصرع .. وكان ملكا جبارا فاجرا لعنه الله». (٤) أما «غازان خان» فقد زعم الصيادي أنه أسلم على يد عثمان سيف الدين بن عز الدين الرفاعي. (٥) وهذا غير صحيح أيضاً، فإن إسلامه كان بناء على إشارة من نائبه «نورور» كما صرح الذهبي بذلك حيث قال: «ونثر الذهب واللؤلؤ، ولقنوه شيئاً من القرآن، وفشا الإسلام في التتار». (٦)

وبالتالي فإننا ننتهي إلى أنه لم يسطر التاريخ للرفاعية أي فضل في دخول التتار إلى الإسلام وإنما على العكس من ذلك فإنه يشهد بفساد أحوالهم وكثرة الزغل بينهم منذ دخل التتار العراق.

إن هذا الذي ذكره الصيادي لم تشهد به كتب التاريخ بل ولا طبقات التصوف المتقدمة ولم يكن معروفا حتى جاء هو وطرح دعواه التي لا دليل عليها، وإنما يمكن الشهادة بضدها استنادا إلى كتب التاريخ والطبقات التي بينت أنهم كانوا يتولونهم ويتقربون إليهم. وهذا ما عرف عن الرفاعية حتى المتأخرين منهم، فقد روي عن أحد كبار مشايخهم في عصرنا الحاضر واسمه الشيخ وهيب البارودي الرفاعي الطرابلسي (ت ١٣٦٢هـ)، أنه عمل أستاذا في معهد الفرير (٧) وتتلمذ على يديه المطران عبد وجورج صراف وسابا زريق وغيرهم من كهان النصارى وكان لهم معه أطيب العلاقات، وكان هو بدوره يقيم معهم علاقات ودية وصداقات مع رجال الدين المسيحي إلى درجة أنه كان يرسل أبناءه لحضور احتفالات المسيحيين في الكنائس. (٨)

ولا يزالون إلى اليوم تحت نظر وتأييد المتسلطين على بلاد المسلمين في مصر وغيرها، وفي لبنان يسرحون ويمرحون تحت عناية النظم المتسلطة عليه والتي يعاني منها المسلمون الويلات والدمار والقتل والسجن.

المصدر:الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص١٠٨ - ١١١


(١) ((انظر البداية والنهاية)) (١٣/ ٣٢٩ – ٣٣٠).
(٢) ((قلادة الجواهر)) (٢١٨ – ٢١٩).
(٣) ((كتاب دول الإسلام)) (٢/ ١٦٩) ط: الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر، ((فوات الوفيات)) (٤/ ٢٤٠).
(٤) ((البداية والنهاية)) ١٣) / ٢٤٥ و ٢٤٨).
(٥) ((خزانة الإمداد)) (ص ٢١٢)، ((روضة الناظرين)) (ص ١٠٠).
(٦) ((دول الإسلام)) (٢/ ١٩٦).
(٧) وهو معهد نصراني أسهم في تضييع كثير من أبناء المسلمين في لبنان وعمد إلى تربيتهم تربية نصرانية تبعدهم عن دينهم. وترغبهم بالديانة النصرانية.
(٨) ((الطرق الصوفية ومشايخها في لبنان)) (١١٩ – ١٢٠) محمد درنيقة ط: دار الإنشاء بطرابلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>