للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستخدامهم لهذا القياس في النفي خطأ كذلك، إذ فيه إدخال الله جل وعلا مع غيره في قضية كلية تستوي أفرادها والله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: ١١].وبهذا يعلم أن كل الشبهات التي أوردها الأشاعرة وغيرهم من علماء الكلام على أهل السنة في إثباتهم للصفات الخبرية الفعلية والذاتية – مبنية على هذا الأصل، وبه يعلم أن كل معطل ممثل، فإنه ما عطل المعطل إلا لاعتقاده أن ما نفاه لو أثبته للزم منه التشبيه والتمثيل، فيكون قد انقدح في نفسه هذا التشبيه أولاً ثم عطل ثانياً (١).

ومما وجه من نقد على هذا القياس – بجانب الخطأ السابق – مسائل صناعية في الاستدلال وهي:١ - إنهم اشترطوا لصحة القياس وإفادته للمطلوب: قضية كلية. وعندئذ يقال لهم: هل العلم بهذه القضية الكلية بدهي أو نظري؟ فإن كان بدهياً فأولى أن يكون كل واحد من أفرادها بدهياً، لأنها تسبق إلى الذهن مباشرة، وعلى هذا أمكن أن يقال عن هذا القياس: إن فيه تطويلاً وإتعاباً للذهن. (٢) وإن كان نظرياً احتاج إلى علم بدهي فيفضي إلى الدور أو التسلسل (٣).٢ - الكليات تتحقق في الأذهان لا في الأعيان. وقياس الشمول على هذا لا يعلم به موجود معين أصلاً، لأنه لا يعلم به إلا الكليات، فاستخدامه – مثلاً – لإثبات وجود الله خطأ، لأنه يدل على وجود موجود مطلق، وهو الأمر الكلي المشترك بينه وبين غيره، فلا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، مع أن الله وهو واجب الوجود – يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وعليه فهذا الدليل وحده لا يعلم به وجود الله (٤).

المصدر:منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله لخالد عبد اللطيف - ٢/ ٥٦١


(١) انظر: ((الرسالة التدمرية)) (ص: ٥٠).
(٢) انظر: ((الرد على المنطقيين)) (ص: ١٠٧، وص: ٢٤٨).
(٣) انظر: ((الرد على)) المنطقيين (ص: ١٠٧).
(٤) انظر: ((الرد على المنطقيين)) (ص: ١٢٤ - ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>