للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ اشترطوا على داخل الخلوة إذا جاء داخلا فيها أن يقدم رجله اليمنى ويقول عند تقديمها: بسم الله الرحمن الرحيم على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى طريقة سيدي محمد عثمان: رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا، رب أدخلني مدخل صدق إلى حضرتك وأخرجني مخرج صدق لإهداء (الهداية) خلقك واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا ينصرني على غفلاتي ويؤيد لي حقيقة حقائقي المنتجة من خيالاتي وحققني يا حق بالكمالات، وبعد دخولك تقول: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم أمدني برسول الله وبسيدي جبريل وأمدني بسيدي أحمد بن إدريس وأمدني بسيدي عثمان شيخنا صاحب الإيقان في خلواتي وجلواتي ودنياي وآخرتي، ثم تقرأ الاستغفار الكبير المستعمل في أذكار الإصفرار ثلاثا وسبعين مرة، ثم الاستغفار وهو أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، ثلاثمائة وثلاث عشرة، ثم لا إله إلا الله اثني عشر ألفا، ثم الاسم الفرد (الله) ستا وستين ألفا، ثم هو هو أحد عشر ألفا، ثم حي قيوم سبعة آلاف وأربعمائة وأربعين مرة، كل ذلك نصف باللسان ونصف بالقلب ما عدا الاستغفارين، ثم " الصلاة الذاتية " ثلاثمائة وثلاثا وستين مرة " الله " بألف الابتداء ثلاثا وستين، ثم " الفواتح الثلاثة "، وكل ذلك مع تغميض عينيك وتخيل ذات شيخك السيد محمد عثمان، فإذا ظهرت لك روحانيته فتخيل من جهة قلبه نورا فإذا ظهر لك النور فتأمل فيه الصور حتى تظهر لك روحانية المصطفى صلى الله عليه وسلم وترى ما ترى من أنبياء وأولياء وروحانيتهم، وهناك مبادئ الفتح، ومن ثم يتسع الإمداد ولا تغفل عن شيخك محمد عثمان ولو بلغت مقام القطبية ولا تدخل إلا بإذنه أو بإذن متكمل من تلامذته وصار مربيا " (١)، ثم يحددون أنواعا معينة من الأكل فيقولون: " وليكن أكلك خبزا على دهن سمسم وإن كان خبز شعير فأحسن، وسكرا وما أشبه ذلك، ولا تأكل كل ما خرج من ذي روح إلى أن تخرج من خلوتك" (٢).

وهكذا نجد أن الخلوة عند الختمية تتضمن ما يأتي:

إن هدفها الأساسي هو الوصول إلى الحضرة الإلهية وحدوث التجليات والكشف للعابد ولا شك أن هذا ليس هو هدف العبادة في الإسلام.

فيها يطلب العابد المدد من الرسول صلى الله عليه وسلم وجبريل ومشايخ الطريقة وهذا أيضا من الأمور المنكرة فلا يطلب المدد والعون إلا من الله تعالى كما سبق أن أشرنا.

إنها تطلب من المريد استحضار صورة السيد محمد عثمان حتى تظهر له روحانيته ثم يظهر نور من جهة القلب، ويظل الحال هكذا حتى تظهر له روحانية النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كله من الأمور المبتدعة التي لا أساس لها من الشرع ولا تمثل أثرا من آثار العبادة الشرعية، كما أن في ذلك صرف للعابد عن الله تعالى وتوجيه فكره وخياله إلى بعض من خلقه كشيخه وفي هذا ما فيه من أنواع الشرك وأصناف البدع إذ أن العبادة ينبغي أن تكون خالصة لله تعالى لا شركة لأحد فيها لا بتوسط ولا طلب ولا دعاء.

إنها تتضمن أورادا معينة وأذكارا محددة بأعداد محصورة وكل ذلك من غير سند شرعي، إضافة إلى أنها تتضمن ذكر الله تعالى بالاسم المفرد وقد رأينا من قبل ما في ذلك من ابتداع في الشرع وخطأ في القول واللغة.

وإذا كانت هذه الوسائل جميعها غير مشروعة ولا تتفق مع الشرع فلا عجب أن يرى صاحب الخلوة بعض الخيالات أو الصور أو الروحانيات التي قد تكون في غالبها من الشياطين الذين كثيرا ما يتصورون بصورة الإنس في اليقظة والمنام، وقد تأتي لمن لا يعرف فيقول أنا الشيخ فلان أو العالم فلان وربما قالت أنا أبو بكر وعمر وربما يأتي في اليقظة دون المنام وقال: أنا المسيح، أنا موسى، أنا محمد، وهذا كله من تلبيس الشياطين على الناس لأنهم اتخذوا غير طريق المؤمنين واستبدلوا نهج الشرع مناهج وأساليب ما أنزل الله بها من سلطان. إن الإسلام قد شرع الاعتكاف في المساجد، وسن الاعتكاف في المساجد في رمضان طلبا لليلة القدر، وفي الإسلام يجوز الاعتزال إذا ساءت أحوال الناس وخاف المسلم الفتنة في دينه، فله أن يعتزل الناس فيبقى في منزله أو مزرعته أو باديته يرعى غنمه كما جاء ذلك في حديث البخاري: ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن)) (٣).

أما الخلوة، بذلك المفهوم الذي يقول به الختمية، وما فيها من طقوس مختلفة، وأذكار مبتدعة، فلا أساس لها من الشرع، ولا سند لها من الدين.

المصدر:طائفة الختمية لأحمد محمد أحمد جلي – ص ١٣٤


(١) ((مجموع الأوراد الكبير)) (ص ٦٤).
(٢) ((مجموع الأوراد الكبير)) (ص ٦٦).
(٣) رواه البخاري (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>