للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يحتاج بعدئذ إلى دليل وبرهان؟ بعد هذه الأدلة القطعية قطعية الثبوت والدلالة؟ ومن سأل أو طلب فهو وهابي كافر. معاذ الله من هذه العقول الضعيفة والقلوب المريضة التي استولى عليها الشيطان وأضلها عن سواء السبيل.

ومن عجائب ما يحكون وغرائب ما يسطرون هي القصص التي ترغب الناس عن الله وتوجههم إلى غير الله وتنبئ أنه لم يبق لله قدرة ولا اختيار ولا نفوذ ولا رسوخ بل كل هذه الأشياء انتقلت إلى الأولياء والصالحين، فبيدهم كل شيء فلا استغاثة إلا بهم ولا نجاة إلا في أيديهم، وخير مثال لهذا ما حكاه البريلوي نفسه: أن سيدي بايزيد البسطامي وقف على شاطئ الدجلة فسمى الله ونزل فيه ومشى على ماءه كمشيته على الأرض فرآه شخص وكان يريد عبوره أيضا فنزل فيه ومشى خلفه وسمى باسمه ولما قرب منه رآه وهو يذكر الله فقلده فسمى الله فإذا بدأ يغرق فالتفت إليه بايزيد وقال له: اسمي اسمي لا اسم الله، كيف تجرأ على ذكر اسمه وتترك اسمي؟ فقال له الغريق رأيتك تسمي الله فسميت، فقال: وهلا وصلت إلي حتى تصل إليه، فنادى باسم بايزيد ونجا من الغرق وبدأ يمشي على الماء كأنه يمشي على الطريق الممهد في الأرض" (١).

ونختتم هذا الباب على حكاية طريفة أخرى من المئات والألوف التي عليها أسس القوم دينهم وبنوا شريعتهم وجعلوها مستندهم وحجتهم في الدين والدنيا، وما أخسرهم وأبخس بهم، فقالوا، والقائل البريلوي نفسه:

أن عارفا كان يبحث عن شيخ ومرشد كامل ولكنه لم يهتد إليه ففي ليلة من الليالي قال لله عز وجل: وعزتك وجلالك صباحا أبايع أول شخص ألتقيه بعد طلوع الفجر، فلما أصبح خرج عن بيته ووقف في الطريق ينتظر أول القادمين، وكان سارقا حاملاً لسرقته، فبادر إليه وأخذ يده وقال له مد يدك أبايعك، فاستغرب السارق وتحير وأراد أن يهرب منه ولكنه لم يتركه حتى اضطر إلى أن يبوح بحقيقته فقال له: يا شيخ ماذا تريد مني وأنا سارق مشهور ونهاب معروف، وهذا هو مال السرقة على غاربي؟ قال له العارف: مهما يكن من الأمر فأنا حلفت بالله أن لا ألتقي بأول شخص في الصباح إلا وأبايعه على يده، فأنت أول من لقيته فلا أتركك إلا أن تأخذ بيعتي، ولما رأى الخضر عليه السلام هذه الواقعة ورأى صدق الطالب حضر وأخذ بيد السارق وخلع عليه جميع مراتب الولاية ومناصبها واجتاز به المقامات وأدخله في الكلمة وهو واقف على موقفه ثم أمره أن يأخذ بيعة ذلك العارف" (٢).

فهؤلاء هم القوم وهذه هي حججهم وبراهينهم في إثبات المسائل الشرعية والعقائد الدينية ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى [النجم:٣٠]

وقال الله جل وعلا: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ٤٣ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان: ٤٣ - ٤٤]

المصدر:البريلوية عقائد وتاريخ لإحسان إلهي ظهير- ص٢١٣


(١) ((حكايات رضوية)) نقلا عن ((ملفوظات البريلوي)) (٥٢،٥٣).
(٢) ((حكايات رضوية)) بجمع وترتيب مفتي البريلوية وتلميذ البريلوي خليل البركاتي (٧١،٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>