"قلت ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم عالماً للغيب مطلقاً ظاهراً عليه بمفاتيحه كما فهمه بعض الجهلاء، لما كان لهذا التقييد معنى، بل هو من نحو تجلي عليه إذ ذاك على نحو ما يطرأ على الأولياء من بعض تلك الأحوال، فتارة يخبرون عن العرض وأخرى يغفلون عن الفرش، وأحوال الأنبياء أرفع ... ".
وجاء أيضاً في حاشية "فيض الباري" ما نصه:
" ... أن الأولياء يرون في كشوفهم أشياء بعين الباصرة لا نراها، كذلك الأنبياء عليهم السلام يرون المغيبات بعين الباصرة في اليقظة ... ".
ويقول الشيخ نجم الدين الديوبندي في كتابه:
"إن علماء ديوبند لا يقولون أبداً أنه لا يطلع أحدٌ غير الله على شيء من الغيب، كما أنهم لا يقولون إن الإنسان لا يستطيع التصرف البتة، في حياته أو بعد مماته".
وقال أيضاً:
"بل إنهم ذهبوا إلى أن من المغيبات ما يعلمها عامة الناس، بل الأصفياء من الأولياء والأنبياء المقربين".
وقال:
"ثم وجد في كل زمان وفي كل عصر مَن منَّ الله عليه وأطلعه على كثير من الغيب".
وقال صاحب "انكشاف":
"أما اطلاع أولياء الله وخاصته على بعض المغيبات فليس من علم الغيب في شيء، ومن حمله على العلم بالغيب فهو جاهل لا يعقل".
وقال الشيخ محمد يسين الديوبندي:
"لا يخبر الشيخ إلا بما شاهده وعاينه".
وقال الشيخ أنوار الحسن الهاشمي - أحد دعاة دار العلوم بديوبند:
"إن أولياء الله الكاملين الذين قضوا معظم حياتهم في تزكية النفوس وترويضها تحصل لهم ملكة راسخة تكشف عليهم في المنام واليقظة أموراً خفيت على عامة الناس".
وقال الشيخ المفتي عزيز الرحمن الديوبندي:
"قد حدث عدة مرات أن الليلة التي قرأ فيها الشيخ حسين أحمد المدني سورة القدر في صلاة الوتر من شهر رمضان، كانت هي ليلة القدر، كما جربنا عليه مراراً أنه كان يستعد للعيد منذ الصباح قبل ليلة الهلال، ويختم القرآن قبلها بيوم، حتى ولو كان الشهر ناقصاً (تسعاً وعشرين يوماً) وبناءً على عادته فقد كان يعرف كل من في "الخانقاه" بأن الليلة ليلة العيد".
وقال مؤلف "أرواح ثلاثة":
"إن الشاه عبدالقادر كان يعرف تمام شهر رمضان ونقصانه عند مستهله، فإذا عرف تمامه وأنه لا يرى هلال العيد إلا بعد ثلاثين قرأ في صلاة التراويح في الليلة الأولى جزءاً واحداً، وإذا كان الشهر ناقصاً قرأ جزءين،
وبما أن هذا الأمر كان قد أصبح مجرّباً فكان الشاه عبدالعزيز يبعث شخصاً يستعلم عن القدر الذي قرأه الشاه عبدالقادر. فإن أخبره بأنه قرأ جزءين قال الشاه عبدالعزيز لأصحابه: ما يكون الشهر إلا ناقصاً".
هذا، وقد علق عليه شيخ الديوبندية الشيخ محمود حسن فقال:
"وقد اشتهر هذا الأمر في دلهي بحيث أصبح التجار وأصحاب السوق يعتمدون عليه في مواعيدهم".
كما ذكر المؤلف قصة أخرى فقال:
"كان الطيب "خادم علي" جالساً في مسجد في رمضان، وجاء وقت الإفطار فأفطر، إذ دخل عليه نفر من الروافض وقالوا: قسماً بالحسين، أفطرت ولم تغرب الشمس؛ قال خادم على: كذبتم، ما أفطرت إلا بعد غروبها؛ فألحوا على اعتراضهم، فقال خادم علي: إن قلوبنا عامرة بالإيمان والدين، فهي لا تخطئ في الشهادة، وإن كنتم في شك مما أقول فاحبسوني في غرفة وأغلقوا عليّ الأبواب، وراقبوا الشمس، ولسوف أخبركم عند غروبها، وسوف تصدّقوني، وقد استغربت الروافض هذه الدعوى، وعزموا على تجربتها، ففي اليوم التالي حبسوه في غرفة، وصعدوا فوق السطح ينتظرون غروب الشمس، فلما غربت ناداهم "خادم علي" من الغرفة بأن الشمس قد غربت، فعرفوا صدق دعواه".
المصدر:الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص ١٦٨ - ١٧٢
اعتقاد كشفهم لما في القبور والقلوب