"ألم يكن من نتائج مثل هذه التعليمات، ما ظهر من الخوارج في النهروان وغيرها من سفك دماء المسلمين، وأتباع عليّ ومعاوية رضي الله عنهما، وما أحدثه أتباع محمد بن عبد الوهاب النجدي من سفك دماء المسلمين أنهاراً في الحجاز، مكة المعظمة والمدينة المنورة خلال فترة ١٢٢٠ - ١٢٣٣هـ. ففي رد المحتار حاشية الدر المختار الشامي (٣ - ٣٣٩): كما وقع في زماننا من أتباع محمد بن عبدالوهاب الذين خرجوا من نجد (وتغلبوا على الحرمين) وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون، واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم، حتى كسر الله شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف" أهـ.
وما ظهر من "الغطغط" و"الدخنة" في صورة قتل المسلمين ونهب أموالهم أيام سيطرة ابن سعود، حتى عجز ابن سعود من هذه القبائل وقوض قواتهم، فكان كل ذلك نتائج لمثل هذه التعليمات التي يقوم بها اليوم أتباع الأستاذ المودودي".
نماذج أخرى من طعونات المدني:
ومن افتراءات الشيخ المدني وطعوناته في إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه ما يلي:
قال الشيخ المدني وهو يقارن بين علمائه وبين أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب ما معناه:
"إن الشيخ الكنكوهي- قدس الله سره العزيز- وأتباعه يسلكون مسلك الاحتياط الشديد في تكفير المسلمين ويتحمسون لأتباع السلف الصالح، بخلاف الوهابية، حيث أنهم يكفرون المسلمين بأدنى شبهة وهمية، ويستحلون أموالهم وغيرها".
وقال:
"إن هؤلاء- علماء ديوبند- يثبتون شفاعة الرسول المقبول عليه السلام، بخلاف الوهابية، فإنهم يأتون في هذه المسألة بآلاف التأويلات، وبحيث يصلون قريباً من منزلة إنكار الشفاعة".
هذا، وقد فصّل المدني كلامه في بيان تعظيم علمائه وأكابره للحرمين الشريفين، وحبهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم لآثاره وسننه، ثم قال في كلمات صريحة بأن الوهابية ليسوا كعلماء ديوبند في جميع هذه الأمور المذكورة، ولا يعتقدون مثل اعتقادهم، بل يسيئون إلى شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يعظمونه ولا يحترمون الحرمين الشريفين، وتوطيداً لدعواه فقد نقل المدني أبياتاً لعلمائه تتعلق بحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم قارن بينهم وبين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- قائلاً:
"أهذه هي حال الوهابية الخبثاء؟ أمثل هذه الكلمات تخرج من ألسنتهم النتنة؟ أمثل هذه العبارات الخلابة تصدر من أقلامهم النجسة؟ كلا، إن هؤلاء الخبثاء يرون مثل هذا الكلام شركاً، ويعدون هذا الموضوع - أي موضوع مدح الرسول صلى الله عليه وسلم- نوعاً من أنواع الخرافات".
ملحوظة:
لقد حاول بعض علماء ديوبند في العصر المتأخر أن يبرؤوا علماءهم عما كتبوه في الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه وأن يثبتوا رجوعهم عن كل ذلك، ولكنه وللأسف الشديد أن جميع هذه المحاولات غير أمينة، فإنها دعايات لا تتجاوز القول بالأفواه، بل مجرد لبس يهدف إلى أغراض وغايات، فإنهم يتظاهرون بها في مكان دون آخر، وبين شخصيات دون أخرى، فالكتب التي أفردوها بالتأليف رداً على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته، والتي تحتوي على الافتراءات والمطاعن والأقاويل المكذوبة على الدعوة وأتباعها، كلها مازالت مروجة عندهم طبعاً ونشراً وتصديراً، تحظى بالإعجاب والقبول لدى علمائهم وعامتها. ولمزيد من الاطلاع على هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى كتاب (دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب في شبه القارة الهندية).
المصدر:الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص ٢٤٧ - ٢٥٩