للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجدير بالذكر أن علماء أهل الحديث قد ردوا على مؤلف "سيرة النعمان" في ما جاء به في تحريف النص في كتابه وأنكروا عليه ذلك، ومنهم العلامة المحدث عبد العزيز الرحيم آبادي وذلك في كتابه (حسن البيان في ما في سيرة النعمان) وطبع هذا الكتاب في دلهي عام ١٣٤٦هـ، ولكنه بعد طبع كتاب (حسن البيان) بسنوات طبع كتاب النعماني للمرة الثانية، ولم يغيروا شيئاً من كتابه ولم يعلقوا على مكان التحريف رداً ولا إصلاحاً.

وفي العصر القريب ظهرت رسالة باسم "تحقيق مسألة رفع اليدين" لمؤلفها مولانا أبو معاوية صفدر جالندري، ونشرها "أبو حنيفة أكيدمي" بيهاولفور، حاول مؤلفها فيها أن يجمع كل ما وجد من الأدلة على عدم رفع اليدين في الصلاة غير تكبيرة الإحرام، وادعى أن عدم رفع اليدين ثابت من القرآن الكريم، وقال إنه ورد في القرآن الأمر بالسكوت في الصلاة، ثم ذكر ثلاث آيات في ذلك وقال في الثالثة: يقول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ [النساء: ٧٧]

ثم ترجم هذه العبارة باللغة الأردية محرّفاً فيها، فقال ما ترجمته بالعربية:

"يا أيها الذين آمنوا كفوا أيديكم إذا صليتم".

ثم قال:

"وقد استدل بعض الناس بهذه الآية أيضاً على منع رفع اليدين في الصلاة".

وقد ارتكب غلاة الحنفية الديوبندية التحريف أيضاً في نصوص حديث الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم، وما يمنعهم من ذلك، وقد ارتكبوا ما هو أعظم وأكبر من ذلك، وهو التحريف في كلام الله تعالى، ومن الذين حرفوا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الشيخ محمود الحسن - الملقب بشيخ الهند لدى طائفته- فقد أخرج الإمام أبو داود في سننه بسنده عن الحسن أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- (جمع الناس على أبي بن كعب، فكان يصلي لهم عشرين ليلة، ولا يقنت بهم إلا في النصف الباقي).

هكذا نص الحديث في جميع نسخ السنن لأبي داود وشرحها المطبوعة إلى عام ١٣١٨هـ. ثم بدأ غلاة الحنفية الديوبندية يحرفون فيه مرحلة بعد مرحلة، حيث طبع هذا الكتاب- (السنن) - بحاشية الشيخ محمود الحسن، فجعلوا في صلب الحديث لفظ "ليلة" وأشاروا في الهامش إلى أن في بعض النسخ "ركعة"، ثم طبع الكتاب - (السنن) - بحاشية الشيخ فخر الحسن الديوبندي فجعلوا في الصلب لفظ "ركعة" وفي الهامش "ليلة" وما ذلك كله إلا لإيهام الناس بأن النسخ مختلفة.

وبناءُ هذا الاختلاف المزعوم المختلق هو أن هذا الحديث موجود في سنن أبي داود مع شرحه "بذل المجهود" للشيخ خليل أحمد السهارنفوري، في باب "قنوت الوتر" بلفظ "عشرين ليلة"، ومكتوب في الحاشية "في نسخة "ركعة"، كذا في نسخة مقروءة على الشيخ مولانا محمد إسحاق رحمه الله تعالى". ولكنه لم يُذكر من القائل لهذا القول؟ ومن الذي رأى تلك النسخة المقروءة على الشيخ محمد إسحاق؟ وأين هذه النسخة القيمة؟ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى [النجم:٢٣]

وهذه نبذة يسيرة مما ارتكبه الديوبندية في كتاب الله وحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام، من تحريف وتأويل، تأييداً لمذهبهم الفقهي، وردّاً على غيرهم في المسائل الفرعية. ومن الصعب جداً أن نذكر في هذه العجالة كل ما اطلعنا عليه من مثل هذه التحريفات، ومن أراد المزيد على ما ذكرناه فليراجع الكتب والمؤلفات الأخرى في هذا الموضوع.

المصدر:الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص ٢٦٥ - ٢٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>