وأن الطابع الفسلفي للحركة الباطنية قد جعل نظرية الإمام وولايته محورا تدور حوله الأفكار الباطنية وترتب على ذلك رفع منزلة علي بن أبي طالب وذريته إلى مرتبة الألوهية وتجسد الجوهر الإلهي في أشخاصهم (مما أفسح المجال لظهور عقائد وتصورات للألوهية مغرقة في التشبيه والتجسيم والمادية وإلى آراء أسطورية محضة تسلب أصحابها أدنى حق في معارضة الوثنية أو المقابلة بين عقائدهم وعقائد الوثنيين) ولعبيد الله مهدي (مؤسس الدولة العبيدية في المغرب) مواقف من الزيغ والضلال تدل على مدى المغالاة الذي وصل إليها الباطنيون (فقد حكى أحدهم أنه سمع الكفر بأذنيه وذلك أنه حضر شهادة وكان فيه جمع من أهل سنة ومشارقة وكان بالقرب مني – يحكي عن نفسه – أبو قضاعة الداعي فأتى رجل مشرقي من أهل الشرق ومن أعظم المشارقة فقام إليه رجل مشرقي وقال إلى هاهنا يا سيدي إلى جانب رسول الله يعني أبا قضاعة الداعي ويشير بيده إليه فالخليفة العبيدي الإله وداعيه أبو قضاعة ورسوله)(١).
بالإضافة إلى ذلك فإن من أقوى المؤثرات الفكرية التي ساعدت الفكر الباطني على الانتشار دعوى الإسماعيلية وأتباعها بوحدة الأديان فهم في سبيل الوصول إلى غايتهم المريبة كانوا يظهرون للناس في أثواب مختلفة ويكلمون كل شخص بلغة خاصة مما صادف هوى في نفوس بعض أفراد وجماعات تبغض الإسلام والمسلمين فوجد هؤلاء الإسماعيلية كل ما يهدفون إليه من هدم للإسلام وتقويض لأركانه.
ويؤيد هذا أيضا أن جماعة إخوان الصفاء الإسماعيلية كانت تضم في صفوفها (أبا إسحاق الصابي الحراني وهو من عبدة النجوم (الصابئة) ويحيى بن عدي النصراني رئيس أساقفة الكنيسة اليعقوبية وماني المجوسي وأبو سليمان المنطقي السجستاني الإسماعيلي فما الذي يجمع هؤلاء ويدعوهم إلى تأليف مجمع سري) إلا الهدف الواحد وهو هدم التوحيد الإسلامي بالأفكار الوثنية المستترة برقع التحرر.
وينبغي أن لا يغيب عن أذهاننا النشاط الفكري الواسع للحركات الباطنية في العصر الحالي وكل مطلع على النشاط الثقافي وخاصة في مجال النشر يرى كثيرا من دور النشر المتسترة من كتب الباطنية والباطنيين المسمومة الشيء الكثير على اعتبار أنها كتب التراث الذي يجب أن يحفظ أو التاريخ الذي يجب أن يدون ولا يضيع مستغلين جهل القارئ المسلم بحقيقتها وأصلها وبذلك يضللون الكثير من العقول.
ويمكن أن نضيف إلى ذلك النشاط الباطني المخيف للإسماعيلية في كثير من الولايات الأمريكية والبلدان الأفريقية حيث مهد لها أعداء الإسلام الطريق هناك بعد أن خافوا من امتداد الإسلام إلى تلك البلاد فافتتحت الإسماعيلية المراكز الضخمة في ظاهرها دعوة الإسلام وفي باطنها هدم للإسلام وتقويض له.
المصدر:الحركات الباطنية في العالم الإسلامي لمحمد أحمد الخطيب – ص٤٣٧
(١) ((العقيدة والشريعة في الإسلام)) جولد تسيهر (ص: ١٨٠).