للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن تأويل الصوم قال إن له معنيين: المعنى الظاهر هو المتعارف عند عامة الناس الإمساك عن الطعام الشراب والجماع وما يجري مجرى ذلك وأما المعنى الباطن للصوم فهو كتمان علم باطن الشريعة عن أهل الظاهر والإمساك عن المفاتحة به ممن لم يؤذن له في ذلك ومما قال إن مثل أيام شهر رمضان التي أمر الله عز وجل بصومها ما يقابلها من عشرة أئمة وعشرة حجج وعشرة أبواب وذلك في التأويل كتمان أمرهم وما يلقونه من التأويل إلى من عاملوه إلى أن يأذنوا في ذلك لمن يرونه. وقال إن الأيام أمثالها في الباطن أمثال النطقاء والليالي أمثالها أمثال الحجج فكما أنه لا بد لكل يوم من ليلة فكذلك لا بد لكل ناطق من حجة فمثل ليلة القدر مثل حجة خاتم الأئمة وحجته يقوم قبله لينذر الناس بقيامه ويبشرهم به ويحضهم على الأعمال الصالحة قبل ظهوره واغتنام ذلك لأنه إذا قام انقطع العمل ولم يقبل ولم ينفع (١).وعن الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج قال قاضي الإسماعيلية: إن للحج ظاهرا وباطنا فظاهره الإتيان إلى البيت العتيق بمكة لقضاء المناسك عنده وباطنه الذي جعل الظاهر دليلا عليه إتيان إمام الزمان من نبي وإمام لأن إمام الزمان مثله في الباطن مثل البيت الحرام وقال عن الاستطاعة الواردة في قوله تعالى ...... وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران: ٩٧]، بأن لها معنيين الظاهر وجود الزاد والراحلة وأمن السبيل وأما المعنى الباطن المراد من الزاد فهو العلم والحكمة اللذين بهما حياة الأرواح الحياة الدائمة والراحلة مثلها في الباطن أولياء الله وأسبابهم الذين يحملون أثقال العباد دينا ودنيا فإذا وجد من وقف لطلب معرفة إمام زمانه من أسباب أولياء الله الدعاء إليهم من يدله عليه ويعرفه به ويفاتحه من العلم والحكمة بما يشهد لصحة قوله ويبين ما دعاه إليه فذلك في الباطن على ذلك وحامله عليه وهاديه إليه ومفيده من العلم والحكمة ما يثبت ذلك عنده مأمونا غير متهم بالكذب وسوء المذهب ولا معروفا بذلك (٢).وعن تأويل الجهاد الذي يعتبرونه الدعامة السابعة من دعائم الإسلام أولوه تأويلا باطنيا لصالح مذهبهم والدعاية له ونشره بين الناس فمما قال قاضي الإسماعيلية عن المعنى الباطن للجهاد أنه الاستجابة لدعوتهم ومجاهدة النفس على الإيمان بها وردع من يمتنع من القيام بنشرها وقال عن تأويل النفقة في الجهاد أن معناها ما يتلقاه المستفيدون من المفيدين من علم أولياء الله حيث إنهم يفيدون نقباءهم من علم ظاهر الشريعة وعلم باطنها حسبما ينبغي لهم ويفيد النقباء من ذلك من يستفيد منهم بقدر قسطه وكذلك يفيد أهل كل طبقة من دونهم من المستفيدين فهم بقدر احتمالهم وما توجبه حدودهم (٣).

إن كل هذه التأويلات سواء للنصوص الشرعية أو للتكاليف العملية ليست مما نسبه أهل الفرق والمقالات إلى الباطنيين ولكنه مما في كتبهم الباطنية فحسب وهي أمثلة لما تفيض به كتبه الباطنية الكثيرة والتي تبين لنا حقيقة الفرقة الباطنية عموما والتأويل الباطني لديها خصوصا.

المصدر:أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – ٢/ ٤٧٨


(١) ((تأويل الدعائم)) لابن حيون الإسماعيلية (٣/ ١٠٧).
(٢) ((تأويل الدعائم)) لابن حيون الإسماعيلية (٣/ ١٤٣ - ١٤٤).
(٣) ((تأويل الدعائم)) لابن حيون الإسماعيلية (٣/ ٢٧٠ - ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>